اخبار وطنية

البشرة السوداء في تونس : جريمة يُعاقب عليها الكترونيا..!

اشتعلت شاشة الهاتف مرة اخرى، اشعار جديد يبعث الرعب في قلب الفتاة التونسية العشرينية “ نبراس مجنح “. فقد اعتادت هذه الفترة تلقي عنف واعتداءات الكترونية تقض مضجعها لا لشيء فقط لانها تونسية ذات بشرة سوداء، خاصة بعد ما تعرض له افارقة جنوب الصحراء من اعتداءات في تونس خلال الفترة الماضية. 

نبراس ليست الوحيدة من بين التونسيين/ات الذين يواجهون مثل هذه الاعتداءات اليومية على المواقع. فغيرها امين ولد ابهم والكثيرين والكثيرات الذين يواجهون هذه المشاكل يوميًا.

هذه الاعتداءات التي اصبحت خبزهم اليومي، باختلافاتها الجنسية واللفظية والعنصرية وتأثيراتها النفسية والاجتماعية، جعلت من هذه المواقع جحيم التونسيين/ات ذوي/ات البشرة السوداء. وخلقت جنسا جديدا من العنف خلافا لذلك الجسدي واللفظي والجنسي وغيرهم متمثل في المضايقات الالكترونية . 

واصبح رصد خطاب الكراهية والخطاب العنصري ضد أصحاب البشرة السوداء سائدا حتى في التعاملات اليومية للافراد والمؤسسات، حسب ما صرح به الأخصائي في المخاطر الرقمية “مكرم ضيفلي”

 “في الممارسة اليومية لشغلنا تعرضنا لمحتوى فيه خطاب كراهية وفيه خطاب عنصري وخطاب يدعو إلى العنف”

هذا ويتفرع العنف الرقمي المسلط على ذوي/ات البشرة السوداء الى فروع منها التنمر الالكتروني، والإهانات، والتحرش، والتشهير. تصل احيانا الى حتى التهديد بالقتل او الاعتداء  الجسدي. كما يمكن أن يظهر هذا العنف في شكل تعليقات مسيئة، أو رسائل تهديد، أو حتى حملات تشويه تستهدف الأفراد بناء على لون بشرتهم، هذه الاعتداءات قد تكدر اهداف الاستغلال الفعلي لهذه المواقع والوسائل الالكترونية

في ظل تفشي هذه الظاهرة وانتشارها الواسع يبقى التعتيم سيد الموقف، سوسيولوجيا اما خوف من الوصم او كذلك غياب وسائل التبليغ والحماية.

وحتى ضيق مجال التوعية والمشاركة الفعالة في الحد من انتشار الاعتداءات الالكترونية المتكررة على اصحاب/ صاحبات البشرة السوداء في تونس، المشكلة  تتجاوز نبراس وغيرها من الضحايا، إذ تشير تقارير إلى أن التونسيين من ذوي البشرة السوداء يتعرضون لأشكال متنوعة من العنف الرقمي، يستغله المعتدين لشن هجماتها، مما يخلق جوا من الخوف والقلق بين الضحايا

” الا أن الأرقام والاحصائيات لحالات العنف الرقمي ضد التونسيين من ذوي وذوات البشرة تغيب بسبب غياب التبليغ من قبل الضحايا “.وفق ما صرحت به الباحثة نجاة عرعاري.

بينما تقوم الجمعيات المختصة في هذا الشأن على غرار “جمعية منامتي” و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان” بدور حيوي في التبليغ عن حالات العنف الرقمي للتونسيين من ذوي وذوات البشرة السوداء وتسهم هذه الجمعيات في تعزيز الوعي بأهمية التصدي لمثل هذه الاعتداءات الالكترونية.

أنواع العنف الرقمي 

التي اصبحت تتأرجح بين التنمر الإلكتروني مثل التعليقات المسيئة، الرسائل الخاصة المهينة، والميمات أو الصور المعدلة بطريقة تهدف إلى الإهانة. ويمكن أن يصل إلى حد نشر معلومات شخصية عن الضحايا بدون إذنهم، مما يعرضهم .لمزيد من التحرش والانتهاك

والتحرش الرقمي الذي يشمل مضايقات جنسية، بالإضافة إلى إرسال صور غير لائقة أو طلبات غير مرغوب فيها. ويطرح مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة في تونس ان  24% من الاعتداءات الالكترونية تجاه التونسيات ذوات البشرة السوداء جنسية. وكذلك التشهير الذي يمكن أن يتضمن نشر إشاعات كاذبة أو معلومات مغلوطة تهدف إلى تشويه سمعة الضحية 


” ساعات نوصل ما نخرجش من الدار ” هكذا عبرت نبراس مجنح عن كمية التأثير الناتج عن العنف الالكتروني المسلط عليها. تأثير يمكن أن يكون عميقا ومدمرا. فالضحايا قد يعانون من الضغوط والاضطرابات النفسية، والقلق، وحتى الاكتئاب. كما يمكن أن يؤثر هذا العنف على حياتهم المهنية والشخصية، 

سوسيولوجيا قد يؤدي العنف الالكتروني الى الوحدة والانعزال، وقد تصل التهديدات المستمرة والإهانات الى ان تسبب ضغوطًا نفسية هائلة، تؤثر على الصحة العقلية وتزيد من مستويات القلق والاكتئاب.

كما أن ضحايا العنف الرقمي لا يعانون فقط على المستوى الفردي، بل تمتد تأثيرات هذا العنف إلى حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم. التأثيرات النفسية تشمل زيادة مستويات القلق والاكتئاب، وفقدان الثقة بالنفس، والشعور بالعزلة. هذه الآثار النفسية يمكن أن تؤدي إلى تدهور الصحة العقلية بشكل كبير، مما يجعل من الصعب على الضحايا القيام بأنشطتهم اليومية بشكل طبيعي. فيلجئ أغلبهم الى المرافقة والتحرك بحذر خاصة ليلا، في بلاد تكفل لهم الحق في الأمن والحماية

وتشمل الآثار الاجتماعية للعنف الرقمي تراجع الأداء الوظيفي والدراسي للضحايا. والتوتر والقلق الناتجين عن التعرض للعنف الرقمي يمكن أن يؤثر على قدرة الفرد على التركيز والانخراط في العمل أو الدراسة. هذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وتراجع النتائج الدراسية، مما يزيد من الشعور بالفشل والإحباط.

في محاولة لمكافحة ومجاراة هذه الظاهرة المتزايدة، بدأت الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في تونس محاولة اتخاذ خطوات جادة، واستراتيجيات رغم بساطتها للسيطرة على هذا التأثير مثل جمعية منامتي التي شاركت في عدة مناسبات في الاستماع الى الضحايا والتدخل عندما يلزم الامر ذلك. ولعبت دورا بارزا في تقديم الدعم للضحايا.اضافة الى الدعم القانوني، مما يساعد الضحايا على التعامل مع التأثيرات النفسية والاجتماعية للعنف الرقمي والحصول على العدالة 

ومن ناحية الدعم القانوني، يقدم نشطاء المجتمع المدني في تونس المشورة القانونية للضحايا وتساعدهم في تقديم الشكاوى ضد مرتكبي العنف الرقمي. هذا يشمل توجيه الضحايا خلال الإجراءات، خاصة في  ظل غياب نصوص قانونية واضحة في تونس تنظم هذا القطاع. 

وان الجانب القانوني في هذا الموضوع لا يرتقي للمستوى المطلوب من النجاعة كما صرحت الباحثة نجاة عرعاري.


كما أن التوعية والتثقيف حسب الخبراء يلعبان دورا حاسما في مكافحة هذه الظاهرة. يجب أن يكون هناك حملات مستمرة لزيادة الوعي حول مخاطر العنف الرقمي وآثاره وكيفية مواجهته. هذه الجهود يمكن أن تساهم في خلق بيئة رقمية أكثر أمانا واحتضانا للجميع، حيث يمكن لنبراس وغيرها من الشباب التونسي أن يتصفحوا الإنترنت بثقة وأمان

كذلك تمثل العائلة والمجتمع دعما هاما للضحايا ومرافقة دائمة للمتضررين.

الدعم النفسي ويشمل كذلك جلسات استشارية تساعد الضحايا على التعامل مع الصدمة واستعادة الثقة بالنفس. هذه الجلسات يمكن أن تكون فردية أو جماعية، مما يتيح للضحايا فرصة مشاركة تجاربهم مع الآخرين الذين يمرون بتجارب مشابهة، مما يعزز الشعور بالتضامن والانتماء

وتقول نجاة عرعاري الباحثة في قضايا النوع الاجتماعي من خلال العمل الجماعي وتضافر الجهود، يمكننا مواجهة هذه الظاهرة وحماية حقوق جميع الأفراد في الفضاء الرقمي. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى