نشرت صحيفة الغارديان البريطانية اليوم الثلاثاء 30 أوت 2023 مقالا صحفيا كشفت فيه مجموعة من المستجدات حول الحرب الأهلية الجزائرية.
وجاء عنوان المقال المنشور بموقع الصحيفة العالمية ” اتهامات لوزير الدفاع الجزائري السابق المقيم بسويسرا بجرائم الحرب.
وجاء في مطلع المقال أن بوادر الأمل بدأت في الظهور بالنسبة لضحايا الحرب الأهلية الجزائرية 1991-2002 في أن يحصلوا أخيرًا على العدالة.
وقالت الصحيفة أن هذا يأتي بعد إعلان وصفته بالغير عادي للغاية مفاده أن وزير الدفاع الجزائري السابق سيحاكم في سويسرا بتهمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وقالت الصحيفة أنه من المقرر أن يكون الوزير هو خالد نزار أعلى مسؤول عسكري تمت محاكمته على الإطلاق لارتكابه جرائم حرب بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية والذي يسمح للدول بالتحقيق ومقاضاة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم دولية بغض النظر عن مكان ارتكابهم أو جنسيتهم أو جنسية الضحايا.
ونقلت أن مكتب المدعي العام السويسري قدم يوم الاثنين المنقضي لائحة اتهام في المحكمة الجنائية الفيدرالية ضد المسؤول نزار.
ويبلغ نزار من العمر 85 عامًا، وهو الذي كان وزيرًا للدفاع في الجزائر بين عامي 1990 و 1993 وعضوًا في المجلس الأعلى للدولة من عام 1992 إلى عام 1994.
واتهم الوزير بين عامي 1992 و 1994 بانتهاك قوانين النزاعات المسلحة، على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف والذي كان بين عامي 1988 و 1990 رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني.
وقالت OAG في بيان إن لائحة الاتهام جاءت بعد سنوات من التحقيقات المعقدة، حيث تم استجواب 24 شخصًا.
وأضافت الصحيفة في المقال أن هذا يأتي وبحسب مكتب المدعي خاصة وأن نزار زُعم “على الأقل” أنه ” تغاضى عن التعذيب وغيره من الأفعال القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاعتداءات الجسدية والنفسية والاعتقالات والادانات التعسفية والإعدامات خارج نطاق القضاء “.
وقال المكتب أيضا إن نزار افترض أنه بريء حتى تثبت إدانته.
وتأتي لائحة الاتهام بعد سنوات من التحقيق من قبل Trial International، وهي منظمة غير حكومية مقرها بجنيف تكافح الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية وتدعم الضحايا الذين يسعون لتحقيق العدالة.
ودعمت المنظمة ضحايا الحرب الذين أمضوا سنوات في الكفاح لتقديم نزار إلى العدالة والذين مات أحدهم مؤخرًا ؛ وسحب آخر مؤخرا شكواه ضد نزار بعد تعرضه لضغوط مزعومة للقيام بذلك من قبل الحكومة الجزائرية وكان لا بد من إغلاق قضية ضحية أخرى بعد أن إستحيل الاتصال به، ما أدى إلى مخاوف من وفاته.
ورحب عبد الوهاب بوكزوحة، أحد المدعين الخمسة الباقين، بعريضة الاتهام التي ينتظرها منذ 12 عاما.
وقال عبد الوهاب “أنا لا أقاتل من أجل نفسي فحسب، بل من أجل جميع ضحايا العقد الأسود – سنوات الحرب الأهلية- وكذلك من أجل الشباب والأجيال القادمة.
وقال في بيان عبر محاميه «لن يتعرض رجل او امرأة جزائري مرة اخرى لما مررت به».
وأضاف ” قدمت المحاكمة لأول مرة شكوى جنائية ضد نزار في عام 2011، مما أدى إلى اعتقاله بعد أن شوهد على الأراضي السويسرية ومن ثمة إلى فتح إجراءات رسمية ضده”.
وتابع بحسب ما جاء في المقال ” لقد انتقدت بشدة ما تعتبره النهج البطيء لسلطات الادعاء السويسرية تجاه هذه المعارك وغيرها من المعارك حول الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية”.
وجاء في المقال أيضا أن المنظمة رحبت بلائحة الاتهام باعتبارها “فرصة أخيرة” لضحايا الحرب الأهلية الجزائرية للحصول على العدالة.
وأضافت أن المحاكمة ستتيح الفرصة لجيل كامل من الجزائريين للوصول إلى معلومات حول الصراع الذي تم قمعه، ويرجع ذلك جزئيا إلى قانون عفو يعني عدم السماح بإجراء محاكمات تتعلق به في الجزائر.
وقال فيليب جرانت، المدير التنفيذي للمحاكمة، لصحيفة الغارديان “قلوبنا أولاً وقبل كل شيء مع ضحايا الحرب الأهلية في الجزائر، الذين لم تتح لهم أي فرصة للحصول على أي إحساس ذي مغزى بالعدالة.
وواصل القول ” هذه هي الفرصة الأخيرة إذا ومتى تحال القضية إلى المحاكمة حتى تتاح للضحايا إمكانية الاستماع إليهم وفصل المحكمة في ما حدث في الحرب “.
وذكر المقال أن المخاوف بشأن حالة نزار الصحية، وسط تقارير حديثة تفيد بأنه ربما كان على فراش الموت، وهو ما قد يعني أن المحاكمة لا تستمر أبدًا.
وأدى الصراع بين الحكومة الجزائرية والجماعات الإسلامية المسلحة، المشار إليها باسم العقد الأسود، إلى ما يقرب من 200،000 مفقود وقتيل.
وأسفرت العشرية أيضا عن عدد غير معروف من ضحايا التعذيب والعنف الجنسي والجرائم الأخرى، التي نفذها كل من الجيش والجماعات المسلحة.
وقال محامو نزار إنه نفى التهم الموجهة إليه واعتبر أن التحقيق ضده معيب وله دوافع سياسية.
وأشار المحامون نقلا عن صحيفة الغارديان “لقد لاحظ الجنرال خالد نزار على النحو الواجب لائحة الاتهام التي رفعها مكتب المدعي العام الفيدرالي ضده، كما فعل ذلك باستمرار خلال التحقيق الذي دام 12 عامًا، وهو ينفي بشدة مسألة ارتكابه لمجموعة من الجرائم، سواء كان ذلك بالأمر أو التنظيم، أو المساعدة أو التحريض، أو التسامح مع أي شيء يمكن تعريفه على أنه جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وتابع المحامون ” لطالما عارض الجنرال خالد نزار التعذيب بشكل خاص، وأدان ذلك علنًا في التسعينيات “.
واختتمت الصحيفة المقال بالاشارة إلى أنه في عام 2002، رفع نزار دعوى قضائية ضد الضابط المنشق حبيب السعيدية في باريس بتهمة التشهير بعد أن اتهمته السويدية بالمسؤولية عن قتل الآلاف رغادر فرنسا قبل متابعة الدعاوى اللاحقة ضده بتهمة التعذيب وجرائم أخرى.
المصدر: ذو غارديان