ضجّت منصات التواصل الاجتماعي خلال اليومين الأخرين بوسم “سيّب مكرم” على خلفية إصدار بطاقة إيداع بالإصلاحية في حق الشاب مكرم الزرمديني.
و يبلغ الشاب مكرم من العمر 16 سنة والذي يدرس بمستوى السنة الثانية من التعليم الثانوي بأحد معاهد القيروان.
وكان الشاب مكرم قد تعرض للعنف الأمني ما أفقده البصر بإحدى عينيه، وفق ما نقله حقوقيون تونسيون.
ويتعلقّ الأمر بقيام الشاب بتصوير تواجد أمني بأحد الأماكن في محيط المعهد، حيث تجمهر عديد التلاميذ والمارة.
وعمد خلال ذلك التجمهر أحد الأمنيين إلى افتكاك هاتفه والاعتداء عليه بالعنف ثم اقتياده إلى داخل ميضأة بأحد المساجد بالمنطقة حيث واصل الاعتداء عليه، وفق ما أكده حقوقيون نقلًا عن مقطع فيديو تم توثيقه لجزء من الحادثة وتم تداوله على شبكات التواصل.
وفي هذا الصدد، قصّ عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سيف العيادي، اليوم الأربعاء 31 ماي 2023، تفاصيل الحادثة.
وقال إنه “كان هناك تواجد أمني بمحيط المعهد، ومكرم كان من جملة الناس الذين تجمهروا هناك، فتوجّه له عون أمن بزيّ مدني وافتكّ منه هاتفه وقام بالاعتداء عليه، في مرحلة أولى أمام الجميع في الخارج”.
وتابع “وقد تم توثيق ذلك في مقطع فيديو تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، ثم في مرحلة ثانية تم اقتياده إلى ميضأة جامع هناك حيث تم الاعتداء عليه بالعنف الجديد بعد تقييد يديه إلى الخلف بالأغلال”، وفقه.
وأشار، في مداخلة له على إذاعة “ديوان” إلى أن “هذا الاعتداء تسبب لمكرم في فقدان البصر نهائيًا بعينه اليمنى، علمًا وأنه سبق له أن أجرى عليها 11 عملية طبية من أجل المحافظة على الشبكية”، حسب تأكيده.
ولفت سيف العيادي إلى أن مكرم اليوم موقوف بإصلاحية بعد أن صدرت في حقه بطاقة ووجهت إليه عدة تهم.
وذكر العيادي أن من بين التهم “الاعتداء بالعنف الشديد على موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته، هضم جانب موظف عمومي أثناء مباشرته وظيفته بالقول والتهديد، رمي مواد صلبة على أملاك الغير وإحداث الهرج والتشويش في الطريق العام، الاعتداء على الأخلاق الحميدة والأخلاق العامة، وغيرها من التهم، طبق الفصول 116 و125 و127 و218 و222 و226 مكرر و320 من المجلة الجزائية“، وفقه.
واعتبر الناشط الحقوقي أن ما حصل يمثل “فضيحة على المستوى الجزائي وعلى مستوى عمل الأمنيين في القيروان وخاصة على المستوى القضائي”.
وقال أن قاضي التحقيق على الرغم من معاينته مقاطع الفيديو وسماعه شهادات التلاميذ الذين تواجدوا على عين المكان عند الحادثة، أصدر بطاقة إيداع في حق مكرم بإصلاحية قريبة من القيروان”.
وأشار إلى أنه بسبب ما حصل “مكرم يعاني اليوم من الحرمان من إجراء امتحاناته فضلًا عن فقدانه البصر نهائيًا بإحدى عينيه”.
وشدد العيادي “كل هذه الممارسات من سياسة الإفلات من العقاب والاعتداءات البوليسية على المواطنين التي تطال حتى الأطفال وتواطؤ النيابة العمومية، لن نتركها تمرّ وسنقف صدًا منيعًا أمام عودة دولة البوليس وتلفيق الملفات”.
وأعقب بالقول “ننتظر تسلم التقرير الطبي الرسمي لمكرم من والدته وسنقوم بتتبع عون الأمن الذي اعتدى عليه إداريًا وعدليًا في المحاكم والتفقديات”.
كما طالب عضو رابطة حقوق الإنسان قاضي التحقيق بـ”مراجعة قراره المتعلق بإصدار بطاقة إيداع بالإصلاحية في حق مكرم.
ودعا عضو الرابطة القاضي إلى بإثارة جريمة التعذيب لأنه عاين التقارير الكاملة بخصوص ما حصل مع مكرم”.
ودعا المندوبية الجهوية للتربية بالقيروان إلى التدخل العاجل من أجل السماح لمكرم بإجراء امتحاناته، وفق ما جاء في تصريحه.
وقد أثارت الحادثة ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وعبّر نشطاء وحقوقيون عن استيائهم من مثل هذه الحوادث المتكررة والتي اعتبروها تؤسس لسياسة الإفلات من العقاب في ظل تواتر الاعتداءات الأمنية على مواطنين، وفقهم.