رفع عدد من أهالي المعتقلين السياسيين في تونس بتهمة التآمر على أمن الدولة دعوى قضائية أمام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
وتأتي هذه الدعوى للمطالبة بالإفراج الفوري عن الموقوفين، فيما تحدث فريق الدفاع عن تعرض أحد الموقوفين للتعذيب.
ومنذ شهر فيفري 2023 تشن السلطة في تونس حملة اعتقالات واسعة شملت أكثر من 20 معارضا لسياسات الرئيس قيس سعيّد.
ومن بين الموقوفين وزراء سابقون بتهمة “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، ما أثار انتقادات المنظمات الحقوقية ودول غربية.
وسبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال بضرورة إيقاف المعارضين بأي طريفة كانت.
وكان الرئيس قد قال فيها “من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن”.
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي المبني على تغيير النظام القاعدي للمجتمع التونسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو 90% من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.
ويأتي هذا في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة في ظل تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن القرض.
ومن أبرز الموقوفين راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق الذي حله الرئيس سعيّد ضمن إجراءات اتخذها للاستحواذ على كامل السلطات.
قضية الغنوشي.. ابنته تطالب الولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد الأوروبي بالتدخل
وأوقفت قوات الإمن رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي في 17 أفريل المنقضي قبل إصدار قرار بسجنه.
وجاءت عملية الإيقاف بتهمة “ارتكاب مؤامرة للاعتداء على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا”.
وجاء الاعتقال بعد يوم واحد من تصريحات الغنوشي، وقد قال خلال اجتماع في مقر جبهة الخلاص، إن هناك “إعاقة فكرية وأيدولوجية في تونس”.
وأشار الغنوشي في فيديو مسرب أن هذه الإعاقة ” تؤسس في الحقيقة لحرب أهلية.. لأن تصور تونس دون هذا الطرف أو ذاك.. تونس دون نهضة.. تونس دون إسلام سياسي.. تونس دون يسار.. تونس دون أي مكون من المكونات، هو مشروع حرب أهلية”.
وأضاف أن “هذا إجرام في الحقيقة، ولذلك؛ فإن الذين استقبلوا هذا الانقلاب باحتفال، لا يمكن أن يكونوا ديمقراطيين، بل هم استئصاليون، بل هم إرهابيون، بل هم دعاة لحرب أهلية”، بحسب قوله.
ونقلت “فرانس براس” ابنة راشد الغنوشي التي تعيش في المملكة المتحدة، قولها إن الاتهامات الموجهة إلى والدها رئيس البرلمان السابق مدفوعة “بأهداف سياسية وملفقة”.
وقالت ابنة الغنوشي بأنها جزء من محاولة لسعيّد من أجل “القضاء على المعارضة”.
ودعت إبنة الغنوشي، على غرار العديد من أقارب موقوفين آخرين، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى فرض عقوبات على سعيّد وعدد من الوزراء “المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان”.
وأعربت عن قلقها إزاء الوضع الصحي لوالدها إذ يعاني ارتفاع ضغط الدم وهو بعمر الـ81، قائلة إنه “لم يعد شابا”.
ملف تعذيب سيثار قريبا في حق موقوف
بدوره، قال رودني ديكسن، محامي الغنوشي وخمسة سجناء آخرين إنهم يحاولون الدفاع عن قضاياهم في تونس لكن كل الأبواب أُغلقت، على حد تعبيره.
وأضاف أن الأهالي أرادوا اللجوء إلى القضاء ليثبتوا أن عمليات السجن كانت مخالفة لميثاق حقوق الإنسان الإفريقي وإطلاق سراحهم.
وأوضح ديكسن أنه “لا توجد عدالة في ظل النظام هناك… ولهذا السبب يتعين عليهم اللجوء” إلى المحكمة الأفريقية.
وأضاف أن الموقوفين ليس لديهم إمكان الوصول المنتظم إلى محامين ويعانون من أجل الحصول على رعاية طبية مناسبة.
وأشار إلى أن “اتهامات بالتعذيب” في حق موقوف ستُثار في المحكمة أيضا.
وأعلنت عائلة الموقوف يوسف النوري، عضو مجلس شورى حركة النهضة الذي أوقف بعد ساعات من اعتقال الغنوشي، عن دخوله في إضراب عن الطعام، منذ 25 أفريل الماضي احتجاجا على ظروف سجنه.
وقالت العائلة إنه تم سجن النوري ووضعه في الحبس الانفرادي دون استماع أو تحقيق بسبب تدوينة نشرها على حسابه الشخصي “فيسبوك”.
وأعربت العائلة عن تخوفها من تعرضه للتعذيب بعد أن أُعلمت عن طريق محام عن إصابة يوسف النوري، الذي يعاني من مرض السكري والتهاب المفاصل، على مستوى الرأس.