أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الجمعة 5 ماي 2023، أن “تونس تحيد أكثر عن الديمقراطية”.
واعتبرت المنظمة أن “اعتقال رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحلّ راشد الغنوشي يكشف مدى هجوم الرئيس التونسي قيس سعيّد على الديمقراطية”، حسب تقديرها.
وقالت، في تقرير لها، إن “بعض الانقلابات وعمليّات الاستيلاء على السلطة تبدأ باعتقال زعيم المعارضة السياسية. لكن في تونس، استغرق الأمر سنتين تقريبًا حتى سجن الرئيس قيس سعيّد راشد الغنوشي”.
وعقبت أنه “لمّا منح سعيّد لنفسه صلاحيات الطوارئ، وجمّد البرلمان، وبدأ يحكم بالمراسيم، كان اعتداؤه على حقوق الإنسان شبيهًا بالريّ قطرة قطرة، وليس استعراضًا هائلًا للقوّة من اليوم الأول”.
واعتبرت المنظمة الدولية أنه “عندما اعتقل سعيّد الغنوشي في 18 أفريل بتهم واهية تتعلق بالتحريض على العنف، لم تكن غايته مجرد القضاء على خصم سياسي”.
وأستطردت أنه “في مواجهة قلق متزايد من عدم قدرته على تحسين الاقتصاد التونسي المتعثر، عمد قيس سعيّد إلى تأجيج كراهية مسانديه لحزب النهضة”.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن “الغنوشي يعتبر واحدًا من حوالي 12 شخصيّة حالية وسابقة في النهضة سُجنوا منذ ديسمبر بتهم ذات دوافع سياسية”.
وتابعت المنظمة في تقريرها ” إلى جانب العديد من منتقدي قيس سعيّد من حركات سياسية أخرى”.
ولفتت إلى أنه “منذ اعتقاله بتهمة التحريض، نُقل الغنوشي من السجن إلى وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للحرس الوطني للاستجواب”.
وأعقبت أنه “في اليوم التالي لاعتقاله، أغلقت السلطات المقرّ الرئيسي لحزب النهضة وحضرت على أعضائه عقد اجتماعات”.
وواصلت ” مما جعل البلاد تقترب خطوة أخرى من حقبة بن علي، لمّا كان الحزب محظورًا بشكل رسمي، وزُجّ بالآلاف في السجون بـ”جريمة” الانتماء”.
واعتبرت المنظمة أنه “بعد الغنوشي، يُعتبر علي العريّض أبرز شخصيّة أخرى من حزب النهضة في السجن”.
وأضافت “يبدو أنّ وزير الداخلية ورئيس الحكومة الأسبق في صميم جهود سعيّد لتعزيز قاعدته عبر شيطنة من سبقه إلى حكم البلاد”.
وقالت أيضا “لم يعرف الغنوشي السجون منذ ثمانينات القرن الماضي، بعد أن هرب إلى المنفى لأكثر من عقدين من الزمن، قبل أن يعود إلى تونس في مطلع 2011”.
وتابعت “على النقيض من ذلك، فإنّ علاقة العريّض بالسجون التونسية تمتدّ إلى تاريخ طويل، وهي علاقة تروي لحظات المدّ والجزر لوضع حقوق الإنسان في تونس”.
وإعتبرت أن “تونس مرت من دولة بوليسية إلى قصّة نجاح نسبي في الربيع العربي ثمّ إلى الانزلاق الحالي نحو الاستبداد من جديد”.
وأشارت إلى أن “علي العريض دخل السجن في فترات حكم ثلاثة رؤساء وفي كلّ مرّة، كانت التهم سياسيّة ومستندة إلى أدلّة واهية أو مشكوك فيها”.
وذكرت أن “قاضي مكافحة الإرهاب استدعى علي العريض للاستجواب يوم 19 ديسمبر 2022، وأمر بإيقافه، بعد يومين من انتخاب مجلس النواب بنسبة مشاركة مخجلة لم تتجاوز 11%”.
وأضافت أن “العريّض يقبع في سجن المرناقية منذ أربعة أشهر دون أن يُعرض على قاض أو تُوجه إليه تهم، وبطاقة الإيداع الصادرة بشأنه تنصّ بوضوح على أنّ الاتهامات التي يواجهها تنبع من قرارات سياسية اتخذها لما كان في الحكومة، التي يُزعم أنها لم تتصدّ للإرهاب والتطرف بشكل فعال وبالكيفية اللازمة”
وتابعت هيومن رايتس ووتش”رغم أن العريّض لم يقضِ على الإرهاب لما كان وزيرًا في الحكومة، إلا أنّه لم تظهر حتى اليوم أدلّة تثبت صلته بأي جرائم”.
وأردفت أنه “ليس من قبيل الصدفة أنّه إلى جانب الشخصيات المرتبطة بالنهضة المحتجزين حاليًا، فإنّ أغلب الوجوه السياسية من ذوي التوجهات العلمانية المحتجزين حاليًا يدافعون عن إدخال حركة النهضة في جبهة معارضة موحدة. في فيفري وصفهم سعيّد “بالإرهابيين”.
واستطردت “من حكم الإعدام في عهد أول رئيس لتونس إلى الحبس الانفرادي لمدة 11 عامًا في عهد الرئيس الثاني، يعود العريّض إلى السجن في عهد أحدث رئيس استبدادي للبلاد”.
وقالت “مهما كانت أوجه القصور في فترة العريّض في الحكومة، هناك أمر واحد واضح: لما كان وزيرًا للداخلية ورئيسًا للحكومة، كان التونسيون يتمتعون بحرية أكبر للتعبير مقارنة بفترات كل الرؤساء الذين سجنوه”، وفق ما ورد في التقرير.
يذكر أن السلطات في تونس كانت انطلقت في 11 فيفري في موجة اعتقالات استهدفت بدرجة أولى معارضين للرئيس قيس سعيّد الذي يتهمهم بـ”التآمر ضد أمن الدولة”.
وقد أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات تنديدًا واسعًا وانتقادات داخليًا وخارجيًا، لإخلالات في الإجراءات ولما أكده محامون من غياب للأدلة.