أكد المختص في الاقتصاد عز الدين سعيدان، الخميس 4 ماي 2023، أنّ تونس تقترب من مأزق مالي شامل، وهي لم تعد قادرة على الاقتراض من الخارج أو من الداخل.
وأشار الخبير خلال حضوره الاعلامي على اذاعة موزاييك “ولهذا يجب أن نصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل شهر جويلية أو أوت على أقصى تقدير” وفق تعبيره.
وتابع سعيدان أنّ مؤشرات تونس فيما يخص المالية العمومية صعبة جدًا، وبتصنيفها الائتماني الجديد لا يمكن أن تقترض من الخارج إلا بمبالغ بسيطة.
وأوضح سعيدان “خاصة وأنّ 4 بنوك تونسية نزل تصنيفها الائتماني بسبب الإقراض المشطّ للدولة وللمؤسسات العمومية، وبالتالي حتى اللجوء إلى طباعة الأوراق النقدية أصبح صعبًا جدًا”،وفق تقديره.
واعتبر سعيدان أنّ الوضع حرج، لافتًا إلى أنّ مخزون البلاد من العملة الصعبة نزل بشكل حاد.
وقال في هذا الاطار أن البلاد في مستوى 94 يوم توريد فقط من العملة الصعبة فكأنها بهذا ترسل رسالة إلى الدائنين الأجانب أنها ربما مهددة بالتعثر في تسديد دينها الخارجي.
وأشار المختص في الاقتصاد إلى أنّ ميزانية الدولة تقول إن تونس تحتاج لتغطية نفقاتها في سنة 2023 إلى أكثر من 24 مليار دينار من القروض منها 15 مليار دينار يجب الحصول عليها من الخارج.
واشار أيضا الى أنّ تونس مطالبة بتسديد 21 مليار دينار بالنسبة للقروض الداخلية والخارجية منها 12 مليار دينار للخارج.
وتساءل سعيدان في هذا السياق “كيف ومن أين ستتمكّن تونس من تعبئة هذه الأموال؟”.
وأبرز الخبير أنّ تونس مطالبة خلال الأشهر القادمة بتسديد ديون كبيرة، مؤكدًا ارتفاع الدين الداخلي بشكل كبير ليمثّل 40% من الدين العمومي الإجمالي.
وأقر بأنّ تونس ليست وفية في خلاصها لهذه الديون، وهي تطلب إعادة جدولتها إما بتعويض رقاع خزينة طويلة المدى -وهو ما ترفضه البنوك التونسية حاليًا- وإما بطلبها قرضًا لثلاثة أشهر لخلاص قرض طويل، فالدولة وقعت بهذا في فخ مالي خطير، وفق تعبيره.
وبخصوص تصريحات مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا بالصندوق جهاد أزعور الأخيرة، أكد سعيدان أنّ مسألة القرض بين تونس وصندوق النقد الدولي لم تعد مسألة تونسية بل أصبحت مسألة دولية. وأصبحت أوروبا تسعى لهذا القرض أكثر حتى من السلط التونسية.
واشار الخبير إلى المجهودات التي قامت بها فرنسا وإيطاليا ومن صندوق النقد نفسه الذي يتصل بالجهات المانحة الأخرى لتجميع المبلغ الكافي لتغطية نفقات ميزانية 2023.
واعتبر سعيدان من وجهة نظره أنّ هذا لا يعدّ تدخلًا في الشأن الداخلي التونسي لأن هذه الأطراف تملك استثمارات في تونس.
ولاحظ أنّ تونس لن تتمكن من الحصول على القرض إذا لم يكن هناك التزام واضح بالقيام بالإصلاحات، ممضى من طرف الرئيس قيس سعيّد.
وقال سعيدان “ليس من مصلحة تونس أن تحصل على القرض دون القيام بهذه الإصلاحات الضرورية سواء بالقرض أو بدونه، لأنها تأخرت كثيرًا في هذا المجال”.
وتابع ” كان يمكن في اجتماعات الربيع أن نتفق مع صندوق النقد على إدخال نوع من المرونة على البرنامج الذي تقدمت به السلطات التونسية نفسها، لكن هذا لم يحدث، وبالتالي على السلط التونسية أن تحدد ماذا تريد”،وفق تعبيره.
وذكّر عز الدين سعيدان بأنّ الاتفاق المبدئي مع الصندوق أعطي لتونس منذ حوالي 6 أشهر، ويمكن للصندوق أن يعتبره لاغيًا باعتبار أن الأوضاع تغيرت بشكل كبير وبالتالي لا بدّ من إعادة المفاوضات وهذا خطير جدًا على المالية العمومية.
وأضاف الخبير “لو تعثرنا في تسديد دفعة أو دفعتين من الدين الخارجي ستصبح إعادة جدولة هذا الدين أمرًا حتميًا، وأعتقد أننا لسنا جاهزين لهذا” وفق قوله.
وتجدر الإشارة إلى أن مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا بالصندوق جهاد أزعور قال، في تصريحات للصحفيين خلال إفادة بشأن أحدث توقعات الصندوق للمنطقة، إن التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع تونس جاء في وقت مهم.
وأضاف أن احتياجات التمويل لتغطية برنامج تونس وُفيت، وأن السلطة نفذت بعض الخطوات اللازمة، فيما لا تزال خطوات أخرى يتعين تنفيذها، وفق ما نقلته رويترز.
وفي مقابلة مع بلومبرغ، قال جهاد أزعور إن التمويل اللازم للاتفاق “يوشك أن يكتمل”.
وكانت تونس، التي تعاني أزمة مالية حادة وتقول مؤسسات تصنيف ائتماني إنها تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها، قد توصلت نهاية العام الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لكنه بقي معلقًا.