نشرت صحيفة واشنطن بوست يوم أمس الاربعاء 25 أفريل 2023 مقالا كتبه الغنوشي قبل أسبوعين، وأرسلته ابنته يسرى الغنوشي، يشرح فيه الوضع الحالي في تونس.
قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إن تونس قادرة على بناء ديمقراطيتها، لكن الذي يقف في الطريق هو رئيسها.
وكشف الغنوشي السبب عن حملة الاعتقالات الواسعة التي يشنها قيس سعيد.
ويستعرض الغنوشي في المقال جهود المعارضة لإعادة الديمقراطية إلى البلاد، لحل الأزمات السياسية والاقتصادية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الغنوشي، بات اليوم في السجن للمرة الثانية في حياته، بعمر الـ81 عاما، بتهمة التآمر ضد الدولة واعتقل قبل ثلاثة أيام من عيد الفطر.
وقال الغنوشي في المقال “طوال العقود الست الماضية حاولت التمسك بمبدأ بيركليس، وهي أن الحرية ملك الذين لديهم الشجاعة للدفاع عنها”.
وأشار الغنوشي” حيث قضيت وقتا طويلا في أقبية الديكتاتوريين، وتعرفت بالتجربة على قيمة الديمقراطية ولماذا يجب الدفاع عنها بأي ثمن، ولأني كافحت من أجل الحرية والتعددية السياسية في بلدي طوال الأربعين السنة الماضية، فلن أتوقف الآن”.
وأضاف الغنوشي في المقال أن “تونس أصبحت بعد ثورة 2011 رمزا لكل المنطقة العربية والعالم”.
وتابع قائلا “إلا أن الجهود المضنية لبناء الديمقراطية، تم التراجع عنه في خلال الـ 21 شهرا على يد الرئيس قيس سعيد”.
وأشار الغنوشي في هذا السياق إلى بدأ عملية الاستيلاء على السلطة في 25 جويلية 2021، قائلا ” وأملت علي مبادئي أن أتحدث ضد الانقلاب منذ ذلك الوقت”.
وشدد على أنه رغم كل المحاولات للتواصل مع سعيد لمصلحة إنقاذ البلد من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي أغرقت بها تونس، إلا أن رده المستمر كان اعتقال وسجن وشيطنة المعارضة.
وقال الغنوشي ” بمن فيهم أعضاء حركة النهضة، وصحفيون وقضاة وقادة مجتمع مدني ورجال أعمال واجهوا التخويف والطرد والاتهامات الواهية”.
وقال الغنوشي “أنا وحدي رفعت ضدي وضد أفراد عائلتي 10 ملفات زائفة، أمام المحكمة وعانيت ساعات وأيام طويلة من التحقيقات في المحاكم”، بحسب المقال.
وتابع في نفس السياق ” ومع تجريد القضاء من استقلاله، لم يعد أي معارض آمن من الاعتقال”.
ولفت الغنوشي في المقال الذي نشرته واشنطن بوست إلى أن رموزا من المعارضة والأحزاب والمجتمع المدني، عملوا في الأشهر الأخيرة دونما كلل لبناء حلول متماسكة للأزمة الحالية.
وقال الغنوشي أنهم قدموا مقترحات لإعادة عمل مؤسسات الديمقراطية الشرعية والتي حلت أو تم تقويض عملها، إلى جانب مقترحات لتعديل دستور 2014 ومعالجة القصور وتقوية المحكمة الدستورية، من أجل منع أي ميول استبدادية من إساءة استخدام الدستور مرة ثانية.
وكشف الغنوشي “وفي مجال الاقتصاد، تقدم الخبراء داخل المعارضة ببرنامج إصلاح يمكن أن تطبقه الحكومة الجديدة، والتي ستكون أولويتها منع البلاد من الانهيار”.
وواصل قائلا” وعندما كانت التحضيرات جارية لتقديم خطة الطريق للرأي العام، فقد بدأت جولة جديدة من الاعتقالات التي استهدفت قادة سياسيين”.
وأردف الغنوشي ” فقد كان سعيد عازما على منع التقدم إلى الأمام، وتدمير أي حلول بديلة للنظام الديكتاتوري الذي يقوم ببنائه”.
وأضاف الغنوشي في ذات الاطار “نرى نتائج هذه الأزمة واضحة في تونس، شعور عام باليأس الذي دفع آلاف التونسيين لمحاولة عبور البحر المتوسط إلى أوروبا وبطرق غير شرعية، ما أدى إلى خسارة مأساوية لحياتهم”.
وواصل ” كما أن تعليقات سعيد المشينة ضد المهاجرين الأفارقة وأيديولوجية الاستبدال العظيم التي تبناها أدت إلى زيادة مظاهر اليأس، ويفهم التونسيون اليوم أن خطاب سعيد الناري لا يقدم الحلول، ومنذ الانقلاب، فإنه أصبح من الواضح أن سعيد ليس قادرا على توفير الاستقرار للبلاد فقط، بل أصبح واحدا من مصادر المشاكل لها، وتقديم مشاكل البلاد على أنها اقتصادية يمكن حلها من خلال القروض الأجنبية لن يوفر الاستقرار”.
وقال الغنوشي في المقال المنشور بالصحيفة ” إن الطريق الوحيد لإنقاذ التونسيين هو الحوار الوطني الذي يضم لاعبين اجتماعيين وسياسيين”.
وذكر في هذا الصدد قائلا ” وقد شاهدنا هذا في السابق، في عام 2013 حيث قادت منظمات المجتمع المدني الحوار وأعادت البلد إلى الانتخابات الحرة والنزيهة وكوفئت بجائزة نوبل للسلام عام 2015″.
وشدد الغنوشي على أن بناء الإجماع عبر الحوار هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة، ويرى الغنوشي أن نجاح تونس ليس مهما للتونسيين ولكن الحكم الرشيد والازدهار الاقتصادي هو الحل الناجع للخطاب المتطرف الذي يروج لصدام الحضارات بين الإسلام والديمقراطية الغربية وبين الإسلام وحقوق الإنسان.
وقال الغنوشي لواشنطن بوست”أنا واثق من أن التونسييين سيواجهون مرة ثانية الديكتاتورية بالطرق السلمية ويعيدون بناء النظام الديمقراطي”.
وعلق في هذا الصدد بالقول “وهذه المرة سيقيمون حمايات له تمنع أي شخص من العودة إلى الوراء”.
وختم بالقول “عندما ننجح في سعينا، ستكون تونس مرة ثانية في عناوين الأخبار العالمية ولكن للأسباب الصحيحة، كمثال ونموذج لكل الدول الإسلامية وليس دولة تسير نحو الانهيار والفشل الاقتصادي”.
واختتم الغنوشي معلقا بالقول ” وفي الوقت الذي يعود فيه المستبدون، آمل رؤية مستقبل لشعبنا يدفع أحسن ما في مواطنيها للتحرر من الطغيان”.