سياسةمحلية

نيويورك تايمز : تونس تعتقل شخصية سياسية بارزة

نشرت صحيفة “ نيويورك تايمز” الأمريكية بعد يوم من اعتقال الغنوشي مقالا ترجمته “تونيزيا لايف” بعنوان ” تونس تعتقل شخصية معارضة بارزة”.

وقالت الصحيفة في مطلع المقال أن ” السلطات التونسية ألقت القبض على زعيم معارض بارز وثلاثة مسؤولين آخرين من حزبه في تصعيد لحملة الرئيس قيس سعيد ضد المعارضين السياسيين”.

وأشارت الصحيفة في المقال إلى أن هذا التصعيد بدأ بعد أن استولى الرئيس على السلطة الكاملة للدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ ما يقارب من عامين.

ويأتي هذا في اشارة إلى الاجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد بتاريخ 25 جويلية 2021.

وجاء في المقال ان الاعتقال استهدف هذه المرة الغنوشي زعيم حزب النهضة الذي هيمن على البرلمان التونسي لسنوات خلال التجربة الديمقراطية قصيرة الأمد في البلاد.

وكان راشد الغنوشي قد شغل منصب رئيس للبرلمان الذي وقع انتخابه في الانتخابات التشريعية لسنة 2018.

وقالت الصحيفة في المقال أن الاعتقال جاء بعد أن أصبح الغنوشي لا يحظى بشعبية كبيرة بسبب آرائه الإسلامية وعثراته أثناء وجوده في السلطة.

وأشارت إلى أن تراجع شعبيته جعل النهضة هدفًا مناسبًا لحملة الرئيس سعيد ضد المنافسين السياسيين.

واعتبرت الصحيفة أن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل من أبرز المعارضين الذين تم استهدافهم حتى الآن.

ونقلت الصحيفة في جسم المقال عن حركة النهضة أن نحو 100 عون أمن بالزي المدني  داهموا وفتشوا منزل الغنوشي في العاصمة تونس ونقلوه هو وعضو آخر في الحزب إلى ثكنة عسكرية.

وذكر المقال أيضا مداهمة السلطات مقر النهضة في تونس واعتقال مسؤولين بارزين آخرين في الحزب.

وقالت الصحيفة أن الفرق الأمنية أقدمت أيضا على تفتيش منزل ابنة الغنوشي، بحسب حزب النهضة والمدعين التونسيين.

ونقل المقال عن الحزب  إن “حركة النهضة تدين هذا التطور الخطير للغاية وتطالب بالإفراج الفوري” عن الغنوشي.

 وكانت الحركة قد دعت في بيان نشرته عقب الاعتقال جميع الليبراليين إلى الوقوف معا في مواجهة هذه “الممارسات القمعية”، حسب المقال.

وذكرت ” نيويورك تايمز” في المقال الذي نشرته عقب حادثة الاعتقال أن  تونس كانت  الدولة الوحيدة التي خرجت من موجة انتفاضة الربيع العربي في عام 2011 كديمقراطية جديدة، وهي تجربة استمرت حوالي عقد من الزمان.

وبينت أن  النظام الجديد بدأ في الانهيار عندما أسس الرئيس سعيد الذي انتخب دخيلاً سياسياً في عام 2019، حكماً فردياً في عام 2021 من خلال تعليق البرلمان القوي بقيادة النهضة في البلاد.

ونقل المقال أن الرئيس قيس سعيد كثف من حملته القمعية في الفترة التي ” يلوح فيها الانهيار الاقتصادي للبلاد في الأفق” من خلال اعتقال عشرات السياسيين والصحفيين والقضاة والنشطاء والقضاة المعارضين.

ونقلت الصحيفة أيضا عن محللين أن هذه الحملة التي انتهجها الرئيس ماهي الا محاولة لصرف الانتباه عن أخطاءه وفشله في معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وتحدث المقال أيضا عن تعيين وزير الداخلية الأخير كمال الفقي، مشيرة إلى أن هذا الأخير وقع ليطبق تعليمات قمع حركة النهضة خاصة بعد اعتقال الغنوشي وتجميد أنشطتها.

وذكرت الصحيفة أن التطورات الأخيرة كانت بمثابة هجوم منسق ضد النهضة وشريكها الرئيسي في المعارضة “جبهة الخلاص”.

وذكر المقال أن الغنوشي وحزبه كان من بين الخصوم الرئيسيين للرئيس قيس سعيد منذ أن اعتنق التونسيون انتزاع سلطة الرئيس.

وأشار المقال إلى أن ذلك يرجع جزئيًا إلى أن التونسيون كرهوا النهضة، مشيرا إلى أنه كان “لاعبًا مهمًا في الحكومة.. هذا إن لم تكن في سيطرته واضحة منذ أن أطاح التونسيون بحاكمهم الاستبدادي منذ فترة طويلة في اشارة إلى بن علي خلال ثورة 2011”.

ونقل المقال رأي الأستاذة المساعدة في سياسة الشرق الأوسط في جامعة نيويورك أبو ظبي، مونيكا ماركس، والتي تدرس بتونس حول اعتقال الغنوشي قولها ” هذه أكبر شريحة من اللحوم الحمراء التي أرادها العديد من مؤيدي سعيد الأوائل – بما في ذلك البعض في الاتحاد العام التونسي للشغل”

وتابعت المسؤولة في تصريح للصحيفة ” لكن هذا الاعتقال  لا يحل بأي حال من الأحوال مشاكل الاتحاد من الناحية الاجتماعية والاقتصادية”.

وذكرت الصحيفة أيضا في نفس المقال أن أجهزة الأمن التابعة اعتقلت واستجوبت الغنوشي  عدة مرات خلال العامين الماضيين  وهو في الثمانينيات من عمره، مشيرة إلى أن هذه كانت المرة الأولى التي يتم فيها اعتقاله دون سابق إنذار.

وقالت أن الاعتقال جاء  بعد أن قال الغنوشي في اجتماع بمقر جبهة الخلاص إن استبعاد المعارضة من السياسة التونسية، بما في ذلك حركة النهضة، يخاطر ببدء “حرب أهلية”، مذكرة أن هذه العبارة استخدمها الغنوشي مرارًا وتكرارًا.

وأشارت الى أن السلطات انقضت على كلماته لتوجيه الاتهام إليه بالتحريض، قائلة في بيان إنها الادانة تأتي بموجب قانون مكافحة الإرهاب في البلاد.

ونقلت عن بيان النهضة الذي حددت فيه سلسلة من الانتهاكات التي شملت الإجراءات القانونية الأساسية خلال المداهمات.

 وذكرت في المقال أيضا أمر منع رجال الأمن محامي الغنوشي من الحضور أثناء تفتيش منزله أو استجوابه، مشيرة إلى رفض الغنوشي الحديث دون حضور محاميه.

وكشفت أيضا عن بيان الحركة في المقال إن المحققين أبقوه جالسًا في غرفة الاستجواب طوال الليل، رافضين السماح له باستخدام الحمام ما لم يتم فتح الباب.

وعلقت الصحيفة في المقال بالقول ” على الرغم من اعتداله مقارنة بالحركات الإسلامية الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن التوجه الديني للنهضة أثار مخاوف العديد من التونسيين الذين يخشون أن يؤدي الحزب إلى التراجع عن القيم والحريات العلمانية للبلاد.. لم يكن من المفيد أن حكومة بن علي شيطنت النهضة لسنوات قبل ثورة 2011″.

واختتمت الصحيفة المقال بالقول أنه يمكن القول بهيمنة النهضة على الحكومة، مشيرة إلى أن الغنوشي كان  رئيسًا للبرلمان قبل حله، وشخصيات النهضة تعمل بانتظام بالحكومة كرؤساء أو وزراء.

وتابعت ” يعني أن النهضة كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، بشكل عادل أم لا، بعدم الكفاءة والفساد الذي ابتليت به تونس حكومات ما بعد الثورة”.

وجاء في المقال أيضا ” كما ألقى الكثيرون باللوم على الحزب في فشل تلك الحكومات في تحقيق الازدهار الاقتصادي الذي طالب به التونسيون خلال الانتفاضة”.

وتابع المقال أن المشاكل الاقتصادية التي كانت تتفاقم خلال العقد الماضي والتي بلغت ذروتها خلال العام الماضي في أزمة هائلة تفاقمت بسبب أسوأ جفاف منذ سنوات. 

وأشار المقال إلى التضخم وفقدان المواد السلع مثل الزيت والسكر والقهوة وتصاعد الهجرة إلى أوروبا من تونس.

وجاء في الختام ” ومع ذلك، بدأ سعيد مهتمًا بإصلاح النظام السياسي في البلاد أكثر من اهتمامه بإنقاذ الاقتصاد حيث أسس دستورًا جديدًا صاغه منفردا يركز السلطة في يد الرئيس  بعيدا عن البرلمان”.

وقد أدى ذلك ببعض التونسيين إلى الانقلاب عليه، لكن بالنسبة للكثيرين، فإن الخوف من عودة النهضة، أو ائتلاف معارض من ضمنها إلى السلطة بدلاً من سعيد، منعهم من احتضان خصوم الرئيس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى