انتظمت أمس الإثنين 13 مارس 2023 الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب الذي يأتي في سياق مسار ما يعرف بـ 25 جويلية الذي كان قد أطلقه الرئيس التونسي قيس سعيد خلال سنة 2021.
وكان الرئيس قد أعلن في تلك الفترة تجميد البرلمان المنتخب ليقوم في وقت لاحق بحله وإعادة صياغة دستور جديد للبلاد مع إحداث تعديلات تمكن الرئيس من صلاحيات واسعة.
وكان قد تم خلال الجلسة الافتتاحية يوم أمس انتخاب إبراهيم بودربالة رئيسا للمجلس النيابي الجديد، بأغلبية الأصوات، في جلسة تم منع الصحفيين من دخولها.
وقد بررت النائب بالبرلمان الجديد أن قرار منع وسائل الإعلام المحلية الخاصة والأجنبية يأتي بهدف حماية المجلس النيابي الجديد مما يمكن أن يتعرض له، معتبرة أن علاقة المجلس بالإعلام سيقع تنظيمه في المستقبل بحسب تعبيرها.
وكان البرلمان التونسي عقد أولى جلساته الإثنين، وسط أزمة سياسية واسعة، بعد حل البرلمان السابق من قبل الرئيس قيس سعيّد، في وقت يعتبر فيه جزء كبير من المعارضة التونسية أن البرلمان الجديد لا يعتبر شرعيا نظرا لضعف المشاركة في الانتخابات التشريعية التي قدرت بـ11%.
ويرى جزء مهم من المعارضة أن هذا البرلمان لا يمكن أن يكون شرعيا نظرا لأنه جاء ” في سياق إنقلابي على دستور 2014 الذي قام به الرئيس سنة 2021″.
وفي السياق، أدانت نقابة الصحفيين التونسيين بشدة حادثة منع الصحفيين من تغطية أشغال الجلسة العامة للبرلمان، معتبرة هذا القرار أمرا في منتهى الخطورة ومساسا واضحا بحرية التعبير في تونس.
وكان لافتا في أولى الجلسات، اعتقال قوات الأمن للنائب وجدي الغاوي، بعد أدائه اليمين الدستورية، وذلك لورود بطاقة جلب في حقه على خلفية اتهامه بتزوير التزكيات التي جمعها للترشح للبرلمان، ما دفع بعض النواب إلى الاحتجاج.
إبراهيم بودربالة العميد الأسبق للمحامين رئيسا للبرلمان
بالعودة إلى الرئيس الجديد لمجلس النواب إبراهيم بودربالة الذي كان نائبا سابقا بالبرلمان المنحل، فقد والذي برز اسمه منذ أسابيع عدة بعد نتائح الإنتخابات التشريعية كمرشح أوفر حظا في ترؤس المجلس النيابي الجديد.
وبودربالة هو نقيب سابق للمحامين، برز بعد 25 جويلية 2021 بإعتباره أحد أبرز الداعمين للرئيس قيس سعيد حيث دعم الرئيس في مواجهته مع القضاء وشارك في اللجنة المسؤولة عن صياغة مسودة الدستور، التي لم يتم الإبقاء عليها، وأعرب بودربالة في وقت سابق وقبل بدء الحملة الانتخابية، عن طموحه في أن يصبح رئيسًا للبرلمان الحالي.
وضمن المحامي مقعدا في البرلمان بعد أن حصد غالبية الأصوات في دائرته الانتخابية منذ الدور الأول الذي جرى في 17 ديسمبر 2022.
وحاز بودربالة على 3700 صوت، من مجموع الأصوات المصرح بها والمقدرة بـ 6649 صوتا.
ويعنبر بودربالة الابن الأصغر لأسرة تنحدر من بلدة الحامّة من ولاية قابس جنوب البلاد وتحصل الرجل على شهادة البكالوريوس في الحقوق.
ومنذ تسعينات القرن الماضي، ظلّ بودربالة يترشّح لمنصب عميد الهيئة الوطنية للمحامين دون انقطاع إلى أن تم انتخابه نقيبا للمحامين في 6 جويلية 2019، لدورة نيابية بثلاث سنوات انتهت العام الماضي.
وقبل تغيير مواقفه، ودعمه لمسار الرئيس قيس سعيد على كان بودربالة يحمل سجلا واسعا من الدفاع عن قضايا حقوقية وغيرها في تونس.
فقد عُرف بودربالة بالترافع في عدة قضايا سياسية أبرزها القضية المرفوعة ضد قياديي الاتحاد العام التونسي للشغل إثر أحداث 26 جانفي 1978، التي عُرفت بـ”الخميس الأسود”.
وكانت قد حدثت صدامات عنيفة في ذلك اليوم بين الطبقة الشغيلة بقيادة الاتحاد العام التونسي لللشغل ونظام الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة.
جدير بالذكر أيضا أن إبراهيم بودربالة دافع عن المتهمين في ملف “أحداث قفصة”، التي كانت قد جدت شهر جانفي عام 1980، وهو الاسم الذي أطلق على العملية المسلحة التي قام بها معارضون تونسيون قوميون، بعد هروبهم إلى مدينة قفصة عبر مدينة تبسة بالجزائر، والتي أدت إلى تأزم حاد في العلاقات بين تونس وليبيا، بسبب دعم الرئيس الراحل معمر القذافي للمتمردين، كما أثرت سلبا على علاقات الحكومة التونسية بالنظام الجزائري في الثمانينات.
كما تولى بودربالة النيابة عن زملائه المحامين في قضية الاتجاه الإسلامي في مرة أولى في سنة 1981 وفي مرة ثانية عام 1987. وكان أيضا ضمن الدفاع عن أمين عام حزب العمال حمّة الهمامي في عدة قضايا سياسية.
ودافع كذلك عن طلبة يساريين وقوميين في قضايا تخص حرية الرأي والتظاهر والتنظم، وكان عضوا بهيئة الدفاع عن الوزير السابق أحمد المستيري على إثر اتهامه السلطات آنذاك بتزوير الانتخابات التشريعية.