اعتبرت منظّمات وجمعيات وطنية في بيان مشترك اليوم الأربعاء 8 مارس 2023، أنّ خطاب وزير الداخلية “تخويني رث”.
وأضافت إلى أنّه “يضع الجميع في سلّة واحدة ويحرّض على الأجسام الوسيطة في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشر بالدولة البوليسية”.
وجاء في البيان المشترك أيضا أن هذا الخطاب “يقفز على نضالات عقود في بناء الدولة المدنية الديمقراطية”.
وبيّنت الجمعيات والمنظمات أنّ “تصريح وزير الداخلية خارج السياق السياسي للمناسبة، والذي عوض أن يكرسه لخطاب الوحدة والتماهي بين كلّ التونسيات والتونسيين في سبيل مزيد الالتفاف ضدّ الإرهاب ثقافة وممارسة من أجل هزمه نهائيا، نراه يجنح لخطاب تقسيمي فئوي يحتكر الوطنية ويسحبها من أغلب القوى التي تصدت للإرهاب وثقافته التي عششت لسنوات في المجتمع التونسي”، على حدّ تعبيرها.
جدير بالذكر أن وزارة الداخلية نشرت على صفحتها على “فيسبوك” أمس الثلاثاء تصريحا لوزير الداخلية توفيق شرف الدين على هامش زيارته لمدينة بن قردان لإحياء ذكرى دحر الإرهاب بالمدينة.
وقد إنتقد فيه الإعلام والنقابات ورجال الأعمال والسياسيين.
وأشار شرف الدين إلى “وجود أشخاص لا يعرفون معنى الأمانة والوطنية ويتاجرون بكلّ القيم”.
كما عبّرت الجمعيات والمنظمات عن رفضها بشكل حاسم تدخّل وزير مهمته حماية أمن وسلامة التونسيين والتونسيين في تقييم أداء الإعلام والنقابات والأحزاب السياسية.
ودعته إلى الانكباب على تحسين أداء وزارة لها سجل سيء في قمع الحريات الفردية والعامة، ومازالت تتهم بقمع الحركات الاحتجاجية والشبابية والرياضية، وتكرّس الإفلات من العقاب في جرائم تعذيب وقتل خارج إطار القضاء.
وشدّدت أيضا على رفضها بشكل قاطع ومبدئي لهجة التهديد والتخويف التي وردت على لسان الوزير.
وقالت المنظمات إنّه “ذكرتنا بخطاب سابقيه تحت ديكتاتورية بن علي وفي العشرية الماضية”.
وقالت أن الخطاب أكّد أنّ احتكار “مؤسسته للعنف الشرعي وامتلاك آليات التنصت ومراقبة التونسيات والتونسيين حتى في حياتهم الخاصة لا تعطيه الحقّ في التهجم على القوى الحية في بلادنا والتحريض عليها في الوقت الذي مازالت تعاني فيه تونس دولة وشعبا من تصريحات مشابهة متسرعة وغير مسؤولة جعلتنا نوصم بالعنصرية أمام كل شعوب العالم”، وفق نصّ البيان.
وقد قدّرت الجمعيات والمنظّمات أنّ هذا “التصريح يقفز على حقائق ثابتة ومعطيات موثقة مفادها أنّ القوى الحية للمجتمع التونسي إعلاما ونقابات ومجتمع مدني وسياسي هي الحاضنة الرئيسية لمعركة التصدي للإرهاب في تونس.
وقالت أن هذه الأجسام دفعت من أجله ضريبة غالية من التحريض والتعنيف والحصار والتهديد بالتصفية وصولا إلى اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
كما أشار نصّ البيان إلى أنّ “الصحفيون/ت رفعوا مبكرا شعار لا حياد مع الإرهاب رافضين أن يكون وجهة نظر وتقصوا في الشبكات الإرهابية والأطراف التي تقف خلفها”.
وجاء في البيان “وكانت بطحاء محمد علي بقيادة الإتحاد العام التونسي للشغل مسرحا للالتقاء النقابي والمدني والسياسي لمقاومة الإرهاب وأجنحته المتعددة والعمل على تجفيف منابعه متحدين في مناسبات عدة لهجمات أنصار الإرهاب ومليشياته، في الوقت الذي تُحمى فيه الأجهزة السرية في وزارة الداخلية وتُحضى بالغطاء السياسي”.
ورأت الجمعيات والمنظّمات الممضية على هذا البيان، أنّ هذا “التصريح يأتي في سياق أزمة الإعلام العمومي والخاصّ التي تهدّد وجوده والتي من أسبابها المباشرة سياسة الحكومة التي تتلكأ في إصلاح الإعلام تمهيدا لتصفيه العديد من مؤسساته في إطار سياسة معاداة الأجسام الوسيطة وتهميش أدوار الصحافة باعتبارها مصدرا أساسيا لإخبار التونسيين والتضييق عليها والحد من نفاذها إلى المصادر”.
وطبقا لذلك، ذكّرت الجمعيات والمنظّمات وزير الداخلية أنّ “حكومته انتهجت السياسة ذاتها المستمرة منذ عشر سنوات إزاء الإعلام”.
وقالت أن ذلك يأتي” سعيا منها لتوظيف بعض مؤسساته لغايات الدعاية السياسية، عوض استبدال سياسة تصفية الإعلام والخطاب التحريضي ضد الصحافة بسياسة جديدة تعمل على إصلاح الإعلام ودعمه حتى يقوم بأدواره”.
وجاء في نصّ البيان أيضا أنّ “هذا التصريح سيساهم بشكل مباشر في إفساد صورة البلاد في العالم لأنه سيؤدي إلى التراجع بمكانة تونس في التصنيفات الدولية الخاصة بحرية الصحافة التي تراجعت بشكل كبير بسبب السياسية الزجرية للحكومة الحالية ضد قطاع الإعلام”.
وأبدت المنظمات “إستغرابها من هروب الوزير من أسئلة الصحافة حول وعود التنمية في بنقردان وإخفاء عجز السلطة وفشلها في الإستجابة لمطالب التونسيات والتونسيين، وراء خطاب التخوين والتحريض”.
ودعت الجمعيات والمنظمات الموقعة على هذا البيان وزير الداخلية إلى الاعتذار على هذا التصريح العنيف والخطير والمتسرع وسحبه من صفحات الوزارة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقالت بأنها تحمله تبعات خطاب التحريض والتخوين على سلامة وحياة الإعلاميين والنشطاء النقابيين والمدنيين والسياسيين، وفق نصّ البيان.
كما أعلنت تجنّدها وبكلّ “السبل المدنية والقانونية للتصدي لهذا الانحراف الخطير عن النواميس والقوانين التي تحكم الدولة المدنية التي تضمن الحريات والعيش المشترك”.