أعلنت منظمة الشفافية الدولية اليوم الثلاثاء الـ 31 جانفي 2023 عن نتائج مؤشر مدركات الفساد لسنة 2022.
حيث احتلت تونس في هذا المؤشر المرتبة 85 عالمياً من أصل 180 دولة، وهي أدنى مرتبة تحتلّها تونس منذ سنة 2012. كما تحصلت تونس على معدل 40 نقطة من أصل 100 نقطة أي بتراجع إجمالي أربع نقاط كاملة مقارنة بالسنة الفارطة، وهو أدنى عدد يسند لتونس منذ 7 سنوات.
وأوزعت المنظمة هذا الارتفاع القياسي لمدركات الفساد في القطاع العام إلى عدة أسباب من أهمها غلق مقرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بصفة اعتباطية منذ أكثر من السنة والنصف، ممّا أدى إلى هرسلة الخبراء والشهود والمبلغين في القطاع العام من جهة وعزوف زملائهم الموظفين عن التبليغ مخافة التنكيل بهم، من جهة أخرى.
ولفتت إلى أن قرار غلق مقرات الهيئة أدى أيضا إلى تجميد قانون تضارب المصالح والتصريح بالمكاسب والى ان الهيئة توقفت عن قبول التصاريح بمكاسب ومصالح الموظفين العموميين وأصحاب الوظائف العليا في الدولة على غرار رئيس الجمهورية والوزراء والقضاة وغيرهم من المشمولين بالتصريح بالمكاسب مذكرة بأنه كان من المفترض أن تتولى الهيئة “القيام بمهام التقصي والتحقق من شبهات الإثراء غير المشروع التي تعترضها بمناسبة مراقبتها التصاريح بالمكاسب وبالمصالح التي يقوم بها الأشخاص الخاضعين لهذا القانون إضافة إلى تعهدها بالتقصّي والتحقق في شبهة الإثراء غير المشروع التي تبلغ إلى علمها”.
واعتبرت أن غياب مجلس نواب منتخب لمدة تجاوزت السنة ساهم بالإضافة إلى تحصين رئيس الجمهورية مراسيمه من الطعن أمام القضاء في انعدام الرقابة البرلمانية أو القضائية على مختلف الأجهزة الحكومية وسياستها العمومية وضرب أحد أهم مبادئ الديمقراطية ألا وهو التوازن بين السلط والرقابة في ما بينها والمساءلة العامة لمؤسسات الدّولة.
وعلى المستوى القضائي، اعتبرت المنظمة أن قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد بحلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مجلس مؤقت منعدم الصلاحيات الضامنة لاستقلال قراره ساهم، بالإضافة إلى رفض وزيرة العدل تنفيذ القرارات القضائية المتعلّقة بإرجاع القضاة الذين تمّ إعفاؤهم بصفة مسقطة وتعمد رئيس الجمهورية عرقلة الحركة القضائية السنوية في خلق حالة من التململ والخوف في صفوف القضاة وحالة من انعدام “الأمن القضائي” لدى المتقاضين، مؤكدة أن ذلك أدّى إلى ضرب نزاهة المنظومة القضائية ككلّ.
وأضافت أن انعدام الاستقرار السياسي والاجتماعي والاعتداء المتواصل على الحقوق والحريات الأساسية وغياب الحلول الناجعة والسياسات العمومية التشاركية ساهمت بشكل عام في ارتفاع مدركات مؤسسات التصنيف لمُستويات الفساد القطاع العمومي معتبرة ان حتى السياسات التي كان من المفترض أن تساهم في الحد من الفساد ومنع انتشاره على غرار المرسوم المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة ساهمت في مزيد تعميق الأزمة وفشلت في تحقيق أهدافها.
واعتبرت المنظمة بالإضافة إلى كل ما سبق، أن مؤشر مدركات الفساد الأخير حلقة إضافية في سلسلة تراجع تونس بأغلب المؤشرات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو المؤشرات ذات العلاقة بحرية الصحافة أو حكم القانون مبينة أن ذلك ينعكس سلباً على نظرة المستثمرين ليس للجانب الاقتصادي فحسب وإنما أيضاً لمدى قدرة الدولة ومؤسساتها على إنفاذ القانون على الجميع ومحاربة الفساد السياسي.