قال الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، معز حديدان، اليوم السبت 28 جانفي 2023, إن تونس دخلت مع تخفيض وكالة “موديز” لترقيمها السيادي، أمس الجمع المنعرج الفاصل قبل بلوغ مرحلة عدم الوفاء ببعض تعهداتها المالية وأن الأمر يحتاج إلى إطلاق الإصلاحات فورا.
وأضاف حديدان في تصريح لـ”وات” أن هذه الإصلاحات التي ستطال قطاعات حيوية كفيلة بإعادة الاقتصاد الوطني إلى مساره الطبيعي.
وقال حديدان “سواء على مستوى التوازنات الكلية أو المؤشرات، ويمكن أن تتم بشكل تشاركي بين الحكومة والمنظمات الاجتماعية والهياكل المهنية والخبراء”.
وخفضت وكالة “موديز”، التصنيف السيادي لتونس من “caa1” الى “caa2” مع آفاق سلبية وتصنيف البنك المركزي التونسي، المسؤول قانونيا عن المدفوعات المتعلقة بكل سندات الخزينة، الى “caa2” مع آفاق سلبية.
وأكد حديدان أن تونس دخلت بوتقة تصنيفات الخانة “caa” ولم تبق سوى خانات محدودة للوصول إلى التصنيف “c” (الدرجة 18 على 21 في سلم مقياس موديز).
ويعني التصنيف في خانة “Caa2” أن الدولة التونسية والبنك المركزي معرضان إلى مخاطر عالية على مستوى إمكانية عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وأكد حديدان ان الدولة ان لم تستطع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل تشاركي، من خلال تقليص الفجوة بين رؤى المنظمات الاجتماعية وبقية الهياكل ورئاستي الجمهورية والحكومة، والخيار الوحيد، الذي يبقى امامها، هو منح السلطة التنفيذية، القوة لتخوض الإصلاحات بمفردها.
واعتبر الخبير أن إقدام “موديز” على تخفيض التصنيف السيادي سبقته تحذيرات أصدرتها يوم 30 سبتمبر 2022 والتي وضعت ترقيم تونس السيادي قيد المراجعة السلبية.
وراجعت “موديز” تصنيف تونس نحو التخفيض اثر بروز تهديدات تتصل بعدم قدرة على الحصول على تمويلات خارجية وغياب تمويل كامل.
واعتبرت الوكالة أن التصنيف السابق لم يعد يتماشى مع الوضع الحالي للمخاطر.
وستجابه تونس بفعل التصنيفات الممنوحة للترقيم السيادي صعوبات في النفاذ الى التمويلات الخارجية.
وبحسب حديدان التصنيف السيادي يوجه في العادة الى الأسواق المالية والحال ان وضعية تونس حالت دون خروجها الى هذه الأسواق.
وبين الخبير أن التصنيف الجديد يحيل الى ان الدولة التونسية لديها مخاطر ويمكن أن تجابه صعوبات قد تجعلها في وضعية التخلف عن تسديد بعض الديون.
واعتبرت “موديز” أن المزيد من التأخير في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمكن ان يؤدي الى تآكل احتياطيات النقد الأجنبي لتونس من خلال سحب مدفوعات خدمة الدين.
ولاحظ ان ذلك سيؤدي الى تفاقم مخاطر ميزان المدفوعات واحتمال طلب تونس إعادة هيكلة ديونها والذي سيؤدي الى خسائر لدائني القطاع الخاص.
وعقّب حديدان على ملاحظات “موديز” بشأن جدولة الديون بالقول: “ان الامر قد يدفع تونس إلى اللجوء إلى نادي باريس لهيكلة الديون الثنائية ونادي لندن لهيكلة ديون الأسواق المالية”.
وتجاوز حجم الدين العمومي 110.2 مليار دينار، خلال الأشهر التسعة من سنة 2022، أي بارتفاع بنسبة 8 % مقارنة مع شهر سبتمبر 2021 وفق بيانات حكومية تعود الى 17 ديسمبر 2022 .
واعتبر حديدان أن الآفاق السلبية التي لازمت التصنيف الجديد لتونس تشير إلى أن احتمال التخلف عن سداد الديون يبقى قائما إلا في صورة نجاح البلاد في فتح آفاق أكبر للتمويل الخارجي.
وسيفضى التصنيف الجديد إلى صعوبات كبيرة ستواجه المتعاملين الاقتصاديين مع الخارج.
ويأتي هذا في ظل الصورة التي يقدمها هذا التصنيف والتي تتسم بإمكانية التخلف عن سداد الديون الى جانب تعطيل العملية الاقتصادية بفعل صعوبات النفاذ إلى التمويل.
وستتأثر تدفقات الاستثمارات الخارجية الوافدة على تونس بفعل الترقيم السيادي لتونس الى جانب وجود إمكانية تراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأخرى من خلال بيع الدينار التونسي لشراء عملات اكثر قوة.
ويأتي تصنيف “موديز” ، في وقت لاتزال فيه تونس تنتظر ادراجها مجددا على قائمة اجتماعات مجلس ادارة صندوق النقد الدولي لتمكينها من الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لمدّة 48 شهرا من اجل مساندة السياسات الاقتصادية للبلاد.
ويخوض الاتحاد العام التونسي للشغل حاليا مع شركاء له من المجتمع المدني حوارا لصياغة مشروع وطني سيتمّ عرضه على السلطة “لإنقاذ” البلاد في وقت تستعد فيه البلاد لتنظيم للدورة الثانية من الانتخابات التشريعية الأحد 29 جانفي 2023.
وكانت رئاسة الجمهورية، نفت يوم 24 جانفي 2023، توقيع رئيس الجمهورية قيس سعيد على أي وثيقة تتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وذلك بمناسبة مشاركة الوفد التونسي في الدورة الأخيرة لمنتدى دافوس.
وتؤكد الحكومة على لسان وزيرة المالية، سهام نمصية، أنّ الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء بخصوص حصول تونس على قرض في إطار آلية تسهيل الصندوق الممدد لا يزال قائما وفق تصريحات أدلى بها يوم 10 جانفي 2023.
المصدر: وات