أطلقت مبادرة المجلس الرئاسي الليبي خلال الأيام الأخيرة الفارطة جدلا واسعا في الوسط الليبي والإقليمي، خاصة في الوقت الذي بات فيه الكثيرون يتحدثون عن بوادر دعم مصرية للأجسام الليبية على السلطة، والذي من شأنه أن يجعل منها معرقلا رسميا وبارزا للانتخابات والاستقرار السياسي في ليبيا.
القاعدة الدستورية والتوجه نحو الانتخابات، حلم ظل معظم الليبيون يطمحون الوصول إليه، خاصة في الوقت الذي تظهر فيه ملامح الخلاف لحظة تلو اللحظة بين رجلي الأجسام السياسية في ليبيا، عقيلة صالح والمشري.
وعلى ضوء مبادرة المجلس الرئاسي، يرى البعض بأن المنفي يبرز في خضم هذا الصراع، ليكون من ضمن الفاعلين الرسميين في العمل على توفير ظروف ملائمة للإستقرار من خلال إرساء حوار جاد بين الأجسام المعرقلة.
“ليست هنالك أي مؤشرات للاتفاق بين صالح والمشري”
وفي هذا الصدد، أكد المتحدث بإسم مبادرة القوى الوطنية الليبية محمد شوبار، أنه لا يوجد أي مؤشرات للاتفاق بين عقيلة والمشري بخصوص القاعدة الدستورية التي تعد الاختصاص الوحيد لمجلسي الدولة والنواب.
وبحسب شوبار، فإن هذه التقديرات تأتي وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي المبرم في جنيف.
وقال شوبار في تصريح خاص لتونيزيا لايف: “مبادرة المجلس الرئاسي لم تلقى أي اهتمام من مجلس النواب ورفض مجلس الدولة تلبية الدعوة للإجتماع في غدامس وليس هناك أي جديد فيما يتعلق بالبيان المشترك بين المشري وعقيلة.
وأضاف أن فشل مجلسي الدولة والنواب في التوافق على قاعدة دستورية سيدفع المجتمع الدولي إلى التوجه نحو آليات بديلة لإنجازها وأكثر جدية في تشكيل قيادة وطنية قوية بوجوه جديدة.
وأشار شوبار إلى أن هذه المسألة أصبحت حتمية بعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2656.
ويرى المتحدث بأن المشهد السياسي في ليبيا يتجه نحو مرحلة استقرار وأمن بعد الإعلان عن حكومة موحدة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والتمهيد والإشراف على الانتخابات التي يتطلع إليها قرابة ثلاثة مليون ليبي سجلوا في سجل الناخبين.
“حوار المجلسين الذي أراداه هدفه إطالة أمد الأزمة”
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي عصام الزبير لتونيزيا لايف، بخصوص الإتفاق الذي جد مؤخرا بين مجلسي الدولة حول الإتفاق على خارطة الطريق والتوجه إلى الانتخابات بأن “هذا الاتفاق الهدف منه بالأساس هو زيادة أمد الأزمة في ليبيا”.
وقال الزبير “الاتفاق يأتي لزيادة الوقت بعدم الوصول إلى حل في ليبيا لأنه لو كان هنالك حل ممكن لكان قد وقع في أوقات سابقة”.
وأضاف: “المجلسان يريدان تعيين حكومة تنفيذية جديدة ويريدان أيضا الوصول إلى المسار الدستوري ولهما نقطتان عالقان فيهما وهما عدم دخول مزدوجي الجنسية وعدم دخول القادة العسكريين للانتخابات الرئاسية”.
وتابع: “أعتقد بأن مجلس النواب متمسك بهاتين النقطتين في حين أن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا غير متمسك بهما وبالتالي أعتقد أن الوصول إلى حل أمر صعب جدا”.
وبخصوص مبادرة المجلس الرئاسي، قال المتحدث: “لا أعتقد بأن ما قدمه يعتبر مبادرة بقدر ماهو سعي لجمع الطرفين برعاية منه ومن الأمم المتحدة”
واستطرد عصام الزبير بقوله: “الغريب في الأمر هو أن الاجتماع كان في قدامس لكن يبدو أن الأمر تغير والاجتماع الآن في البرلمان المصري وبرعاية مصرية والأمر عادي “.
وشدد على أن الطرفين لا يريدان تدخل أي جسم ليبي ويقبلان بتدخل الأطراف الأجنبية، مشيرا إلى أن الضغط عليهما قد يشهد حالة من التصعيد مستقبلا خاصة من المجلس الرئاسي.
وبخصوص السيناريوهات المحتملة بعد هذا الاتفاق، قال الزبير أنه بالرغم من تعددها إلا أن القوة الكبيرة ستظل لدى المجلس الرئاسي الليبي، منتقدا بذلك تصريحات عقيلة صالح حين أعرب عن مساندة مصر لسيناريو الانتخابات في ليبيا في الوقت الذي رفض فيه الحوار في غدامس.
وتوقع الزبير إصدار المجلس الرئاسي الليبي مرسوما يوجه البلاد إلى الانتخابات مباشرة في حال فشل الحوار بين المجلسين وتوجيه البلاد إلى الانتخابات.
“لا يمكن الجزم بأنه هنالك إتفاق بالأساس بين المجلسين”
من جهته، قال الباحث والخبير في القانون الليبي محمد محفوظ لتونيزيا لايف، بأنه لا يمكن الجزم أنه هنالك اتفاق بالأساس بين المجلسين.
وقال محفوظ: “أعتقد بأنه حتى ولو كان هناك اتفاق فإنه سيؤسس لقاعدة دستورية هشة وضعيفة لن تؤدي إلى الانتخابات”.
واعتبر محفوظ أن المشري وصالح لا يريدان الرحيل ويردان أن يكونان الفاعل الرئيسي في المشهد السياسي الليبي، مشيرا إلى أن المجلسين قد يضمنان بقاءهما على قاعدة دستورية هشة.
وبخصوص مبادرة المجلس الرئاسي، قال محفوظ: “أعتقد بأن مبادرة المجلس الرئاسي ولدت ميتة أساسا وثمة من يرى بأن المجلس الرئاسي يمارس حالة من الضغط على الجسمين لتوجيههما إلى الوصول إلى حل للأزمة، وثمة أيضا من يرى بأن المجلس يبحث عن دور سياسي له خلال المرحلة القادمة ولكنني أعتقد بأن المجلس الرئاسي لا يمتلك أدوات اللعبة ولا يستطيع فعل أي شيء في هذا الأمر”.
ويرى محفوظ بأن السيناريوهات المطروحة خلال الفترة القادمة، من الممكن أن يقع تنظيم مبادرة حوار وطني مثل حوار جينيف الذي التأم من قبل للوصول إلى حل نهائي للأزمة الليبية.
“مبادرة المجلس الرئاسي ولدت ميتة والمجلسان يرفضان تنظيم أطراف ليبية للحوار”
بدوره، اعتبر رئيس حزب المؤتمر الوطني الحر الليبي فتح الله بشير السعداوي في تصريح خاص لتونيزيا لايف، إن البرلمان والمجلس الأعلى للدولة الليبية رفضا مبادرة المجلس الرئاسي الليبي ولن يقبلا بها، مشيرا إلى أنهما لا يقبلا أن يلعب دورا مهما يعتبرانه أعلى منهما، بحسب تعبيره.
وقال السعداوي: “البرلمان والمجلس الأعلى للدولة لن يقبلا تنظيم أي طرف ليبي للحوار بينهما وحتى وإن توصلا الى إتفاق فإن ذلك سيكون خارج إدارة أي جسيم سياسي ليبي”.
وبخصوص مبادرة المجلس الرئاسي، قال السعداوي “من المؤكد أن المبادرة ولدت ميتة ولن تفضي إلى جلوس على الطاولة بين البرلمان ومجلس الدولة، بل إنهما سيتوصلان إلى إتفاق بينهما بعيدا عن المبادرات الليبية وسيعملان على مزيد تمطيط الأزمة للبقاء في منصبيهما”.
وبخصوص السيناريوهات المستقبلية المحتملة، أفاد السعداوي بأن بعثة الأمم ستشرف على تنظيم حوار في الأيام القادمة بين الجسمين وستشرف على تعيين حكومة جديدة للبلاد وتعين خريطة واضحة، بحسب تعبيره.
غموض كبير يكتنف المشهد السياسي الليبي، حتى مع الضغط الذي بات يفرضه المجلس الرئاسي الليبي بقيادة المنفي، وبالرغم من هذا الغموض يبدو أنه لا خيار لليبيين غير المراهنة على نجاح المجلس الرئاسي في الدفع نحو الانتخابات.