دعا مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة إلى وضع “ميثاق جبائي”، حاثّا “دافعي الضرائب وبالأخص المنظمات المهنية، على الضغط لوضع هذا الميثاق وعدم دفع الضريبة إلا إذا ما تم احترامه من قبل الماسكين بالسلطة”.
وانتقد المرصد في بيان أصدره، مؤخرا، قانون المالية لسنة 2023 معتبرا أنه “لم يشذّ عن سابقيه من قوانين المالية المضرة التي عمّقت الهوة بين من يدفعون الضريبة ومن يتهربون من دفعها”، في وقت أثبتت فيه دراسة أصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الصائفة المنقضية، أن الخسارة السنوية الناجمة عن التهرب الجبائي تفوق 33 مليار دينارا”.
واعتبر أن قوانين المالية هذه “أغرقت تونس في المديونية ووضعتها تحت وصاية الجهات الأجنبية المقرضة وحصنت المهربين والمتهربين من دفع الضريبة وساهمت في قتل عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية التي صرحت بوجودها نتيجة للضغط الجبائي المشط الذي يعد الأعلى اليوم في إفريقيا” حسب آخر الإحصاءات المنشورة من قبل منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي.
وشدّد على أن قوانين المالية كل سنة “تتضمن مغالطات، من قبيل دفع نسق الاستثمار والتنمية ومساندة المؤسسات والتصدي للتهرب الجبائي ودعم التضامن والسكن الاجتماعي والامتثال الضريبي وإعداد قانون المالية حسب مقاربة تشاركية ومناقشة محتواه في إطار المجلس الوطني للجباية وغير ذلك من الشعارات التي تضلل الرأي العام”.
وجدّد التأكيد “إن المجلس الوطني للجباية المكلف نظريا بتقييم السياسة الجبائية وإبداء الرأي حول العدالة الجبائية لم ينجز المهام المناطة بعهدته منذ سنة 2002 نظرا لأنه فاقد للاستقلالية”.
وأضاف المصدر ذاته، أنه تم التقدم بالعديد من المقترحات، التي “لم يتم التفاعل معها”، رغم أنها “سهلة وغير مكلفة وذات مردودية عالية”، وفق تقديره، ومن بينها مقترح يتعلق بالتنصيص على بند صلب قوانين المالية لتقييم مردودية الأحكام المكلفة وعديمة المردودية والقاتلة التي يتم سنها سنويا خلافا لما تقوم به الدول المتقدمة.
وتساءل المرصد كيف يمكن لحكومة أن تتصدى للتهرب الجبائي وهي لا تعرف إلى حد الآن عدد الأشخاص المطالبين قانونا بدفع الضريبة بتونس.
وتابع في هذا الصدد، أنه تم التقدم بمقترح يمكن الحكومة من معرفة كل الأشخاص المطالبين قانونا بدفع الضريبة والمتمثل في فرض حمل “جواز جبائي” على غرار الجواز الصحي بغاية الانتفاع بالمرفق العمومي والترشح للمناصب العامة، وكذلك مقترح “وضع سجل وطني للمهربين والمتهربين من دفع الضريبة وممارسي كل أنواع الجرائم الاقتصادية وبالأخص في حق المستهلك”، كما فعلت ذلك عدة بلدان مثل الجزائر وجنوب افريقيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا وغيرها من البلدان التي تصنف مواردها في خانة الأمن القومي.
ولفت مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة إلى أن “الثورة الجبائية” تبقى من الخيارات التي يمكن الالتجاء إليها إذا لم يتم وضع “ميثاق جبائي” يتضمن جملة من القيم والمبادئ كالعدل والإنصاف والحوكمة والحفاظ على موارد الدولة الجبائية وغير الجبائية والتصدي للفساد والمبادئ العشرة الدولية التي وضعتها منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي بغاية التصدي للجرائم الجبائية والمالية.
المصدر: “وات”