سياسةعربية

محللون: ماهي السيناريوهات المحتملة بعد تأجيل الانتخابات الليبية لمدة عام؟

مع مرور عام كامل على تأجيل الانتخابات الليبية التي كان من المزمع إجراؤها في ديسمبر من العام الفارط وفقا لاتفاق جينيف، ومازالت أجسام الدولة الليبية تعاني حالة من التفكك.

وكان المجلس الأعلى للدولة الليبية كان قد أعلن الشهر المنقضي، قطع التواصل مع مجلس النواب الليبي، وهو الأمر الذي مثل لكل الليبيين حدا يحول دون إرساء قاعدة دستورية في البلاد.

وبالرغم من المجهودات التي يقوم بها المجتمع الدولي حتى مع تعيين المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي، مازالت الصورة بحسب بعض المحللين لم تتضح بعد.

ويتحدث عدد آخر من المحللين عن إمكانية ظهور قوى سياسية ونخبوية قد تسهم في تغيير المشهد بصفة رسمية، وذلك من خلال الدفع نحو إرساء انتخابات تشريعية ورئاسية ووضع قاعدة تشكل الأرضية الملائمة لإجراء انتخابات بالبلاد وفي نفس الوقت تخلص الليبيين من الأجسام الحالية التي يعتبرها الكثيرون ساهمت بشكل مباشر في تعميق الأزمة وتمطيطها.

“فشل إجراء الانتخابات بسبب المؤسسات المنبثقة عن ملتقى جينيف”

ومن جانبه، قال المتحدث باسم القوى الليبية لتونيزيا لايف محمد شوبار بعد مرور عام على ديسمبر  2021، وهو الموعد الذي تم تحديده خلال إتفاق جنيف لإجراء انتخابات حرة ونزيهة رئاسية وبرلمانية حيث جسد خيبة أمل كبيرة في ذاكرة الليبيين المتطلعين للعودة إلى صندوق الاقتراع للتعبير عن إرادتهم الحرة لاختيار من يمثلهم دون التأثير عليهم من أي جهة كانت”.

وبحسب شوبار، يرجع ذلك للفشل الذريع، على حسب تعبيره،  للمؤسسات التي انبثقت عن ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

وقال شوبار في هذا الصدد،بأن مجلسا الدولة والنواب فشلا في التوافق على قاعدة دستورية لإجراء الإنتخابات وفشلت حكومة الوحدة الوطنية في تنفيذ وقف إطلاق النار وتحسين الوضع المعيشي والخدماتي لليبيين.

وواصل شوبار: “بل إنها غرقت الشعب في الفساد المالي والإداري وارتفعت أسعار السلع خلال عهدتها بشكل فاقم حجم معاناة المواطن الليبي، كما فشل المجلس الرئاسي في تنفيذ مشروع المصالحة الوطنية”.

وبحسب شوبار “يرجع فشل المؤسسات في تنظيم الانتخابات إلى رغبة الطبقة السياسية برمتها في البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة لنهب أموال الليبيين وتحويلها للخارج، بل أن الطبقة السياسية دعمت مجموعاتها المسلحة بالمال والسلاح”.

وأشار المتحدث إلى أن  أعداد المرتزقة زادت للتمترس وراء الحكومة والأجسام، معتبرا بأن الطبقة السياسية في الغرب الليبي تحتمي بالقوات التركية، وفي الشرق الليبي تحتمي بالقوات الروسية.

وأكد إلى أن الشعب الليبي متعاط بشكل إيجابي مع المطالب الداعية لإسقاط كل هذه الأجسام السياسية.

وقال في الأثناء، بان مجلس الأمن الدولي أصدر  القرار رقم  2656  لأجل تشكيل قيادة وطنية جديدة تعمل على المحافظة على عائدات النفط وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل والتمهيد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وأشار المصدر ذاته  بان  هذا القرار تضمن أيضا فقرة تتعلق بفرض عقوبات على المعرقلين لعملية الانتقال السلمي للسلطة وكل من يحاول خرق إتفاق وقف إطلاق النار وستعمل لجنة الجزاءات التابعة للأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم  1970.

وأشار شوبار إلى أن هذا القرار مهم لتحقيق الاستقرار الذي سيبدأ بتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه اللجنة العسكرية المشتركة في 23 أكتوبر سنة  2020 ، وهو ما سيمهد  حسب رأيه للانتخابات.

ويرى شوبار بأن هذا ما ستعمل عليه القيادة الجديدة التي سيتم تشكيلها وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم  2656، ولن يكون لمجلسي الدولة والنواب أي دور في تشكيلها.

” الشعب الليبي ملَّ المجلسين وسيناريو الانتخابات أمر ممكن”

من جهته، قال المحلل السياسي الليبي عصام الزبير لتونيزيا لايف “اليوم نتحدث عن مرور عام كامل دون إجراء الانتخابات الليبية بالرغم من الضغط الدولي على اجرائها بتاريخ 24 ديسمبر العام المنقضي، وكانت أيضا هنالك توصيات بمعاقبة المعرقلين”.

وأشار الزبير إلى أنه كان هنالك مجرد أمر إعلامي استعراضي فقط دون التوجه إلى الحقيقة الانتخابية، معتبرا بأن هذا الأمر جعل من مجلسي الدولة يعرقلان العملية الانتخابية بسبب تراخي المجتمع الدولي بعد اعلانع تلك الضجة الاعلامية الكبيرة.

واعتبر أن المجتمع الدولي خذل الليبيين في عملية الدفع بالدستور واتجه إلى إنشاء قاعدة دستورية انتخابية وهو ما يلام عليه مجلس الأمن، حسب قوله.

وبخصوص السيناريوهات المستقبلية والانتخابات في ليبيا وحتمية انتهاء الصراع بين المجلسين، يرى الزبير بأن الخلاف بين المجلسين حول المحكمة الدستورية ليس هو المشكل الوحيد وإنما كثيرة هي نقاط الاختلاف.

ومن ضمن نقاط الخلاف بين الجسمين، ذكر الزبير الاختلاف حول القاعدة الدستورية وشروط الترشح للانتخابات، معتبرا بأن مجلس النواب يواجه نوعا من الضغط من طرف المشير خليفة حفتر وهو الأمر الذي عرقل الاتفاق والتوصل إلى حل.

وأضاف عصام الزبير: “من الواضح أن الشعب الليبي مل من الجسمين وأعتقد بأن سيناريو الذهاب إلى الانتخابات أمر ممكن خاصة إذا ماعدنا إلى سيناريوهات جدت السنوات الفارطة منها انتخابات المؤتمر الوطني العام وانتخابات مجلس النواب وانتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور”.

وتابع: “هذه الثلاث محطات الانتخابية يمكن استغلال قوانينها التي مرت بها للذهاب إلى الانتخابات ويمكن تنقيحها وتطوريها بالتعاون مع المفوضية العامة للانتخابات ومجلس القضاء الأعلى”.

وبخصوص السيناروهات المستقبلية، أفاد المتحدث بأن هناك العديد من مكونات المجتمع الليبي من أحزاب ومرشحين للانتخابات والنخب والحراك الشعبي بدأت الآن في حراك واعتقد بأن معظمها سيدفع إلى الانتخابات وهو السيناريو الوارد والقريب في المرحلة القادمة.

وبخصوص مجلسي النواب والدولة قال الزبير: “الكل في ليبيا أصبح يعي بأن المجلسان لن يقدما أية حل للدفع نحو الانتخابات وهما يعملان على تمطيط الأزمة وإطالتها”.

وأوضح أيضا أن الحراك الشعبي لدعم بناء الدولة المدنية كان قد احتشد أمام المجلس الرئاسي وطالب بإصدار مرسوم يدعو إلى إجراء الانتخابات في ظرف 90 يوما يعلق فيهما نشاطات المجلسين ويتوجه بالبلاد إلى بر الانتخابات.

“ليست هناك أي سيناريوهات لإجراء الإنتخابات “

بدوره، قال الباحث في القانون الليبي محمد محفوظ لتونيزيا لايف: “في الوقت الحالي أعتقد بأنه ليست هنالك أي سيناريوهات لإجراء الانتخابات في الليبية، خاصة في الوقت الذي تعم فيه الضبابية عن المشهد”.

وأشار محفوظ إلى إشكالية الخلاف بين المجلسين الليبيين حول القاعدة الدستورية، معتبرا بأنه ليس هنالك توافق داخلي بين المجلسين، وأيضا ليس هناك توافق دولي حول هذا الملف.

وبين أن ما يحدث الآن يعني أنه حتى فكرة دعوة البعثة الأممية لإجراء حوار سياسي جديد شبيه بحوار جينيف، قد يكون في هذه الفترة أمرا صعبا، معتبرا بأنه ليست هنالك أي سيناريوهات يمكن التنبؤ بها العام القادم في علاقة بالانتخابات.

وقال محفوظ أيضا: “أعتقد بأن المجتمع الدولي لن ينجح في تنظيم الانتخابات باعتباره ليس مجمعا على الحديث عن الانتخابات وهو ايضا ليس مرحب لهذا الخيار باعتبار أن له أطراف وادوات وأن تشكيل أجسام جديدة في ليبيا قد لا يخدم صلاحيات المجتمع الدولي”، بحسب تعبيره.

بالرغم من هذا الدفع الذي يراه البعد سبيلا للتوجه بالبلاد إلى إنتخابات تشريعية ورئاسية، تظل الرؤية بحسب عدد أخر من الخبراء والمحللين غير واضحة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع ببعض القوى العسكرية في البلاد إلى الدفع نحو الإنتخابات ولو كان ذلك بطريقة خاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى