اقتصادمحلي

ممثلوا المنظمات والمجتمع المدني في تونس يعبرون عن قلقهم من قانون المالية 2023

اعتبر عدد من ممثلي المجتمع المدني اليوم الخميس 29 ديسمبر 2022، أن قانون المالية لسنة 2023 لم يقدم رؤية إصلاحية لمشاكل تونس الاقتصادية.

وأشار ممثلو المنظمات إلى أن إجراءات القانون اقتصرت على مسألة تعبئة الموارد المالية عبر إثقال دافعي الضرائب سوء المؤسسات الاقتصادية أو المواطنين”.

 كما أكدوا، خلال حلقة نقاش نظمها المرصد التونسي للاقتصاد تحت شعار “قانون المالية 2023 تحت مجهر المجتمع المدني التونسي”، أن هذا القانون الجديد لم يستجب إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها التونسيون.

“التداين الداخلي سيرتفع خلال سنة 2023 إلى نحو 60%”

وأوضحت الباحثة في الاقتصاد ومحللة السياسات العامة في المرصد التونسي للاقتصاد فتحية بن سليمان، أن مسار نشر قانون المالية لسنة 2023 كان صعبا.

وبينت أن ذلك تم من خلال التعتيم الذي رافق موعد نشره بوثيقة وحيدة من دون إرفاقه بالملحقات المصاحبة وخاصة تقرير الميزانية.

وأكدت فتحية بن سليمان أن هذا ما يعيق الخبراء على متابعة وفهم التوجهات الاقتصادية ولاجتماعية للحكومة التونسية لسنة 2023.

وفي تقييم المرصد لقانون المالية، بينت المتحدثة، أن الدور الاجتماعي للدولة تراجع في 2022 من خلال سياسة تقشفية بالتقليص في ميزانية عدد من الوزارات مثل التربية والصحة.

وواصلت: “ولكن في عام 2023 تم الترفيع نسبيا في ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية”.

وفسرت أن هذا الترفيع يعكس توجه الحكومة في السنة القادمة نحو سياسة ضمان اجتماعي.

وأفادت أن الترفيع بمثابة استهداف للطبقات الضعيفة والمهمشة والخروج من نظام شمولي في علاقة بتوجيه الدعم.

وتابعت في تحليلها لهذه المسألة، أن نظام الاستهداف قد يكون إقصائيا بحرمان لأشخاص من الدعم والحال أنها بحاجة إليه.

وفي تطرقها إلى مسألة العدالة الجبائية اعتبرت أن الأحكام التي أتى بها قانون المالية الجديد فإنها لن ترفع في العائدات الجبائية سوى بــ15 % فقط .

ولفتت بن سليمان إلى أن هذه الإجراءات لن تحقق العدالة الجبائية المرجوة.

وفسرت أن الضغط الجبائي لا يزال مركزا على الأشخاص الطبيعيين بحوالي 27 % في حين أن الضغط الجبائي المسلط على الشركات أقل من 20%.

واستنتجت بن سليمان خلال مداخلتها في النقاش، تواصل نظام الحيف الجبائي في تونس.

وفي علاقة باستدامة الميزانية والتداين، قالت فتحية بن سليمان، إن الحكومة مواصلة في سياسة التداين المفرط.

 ولاحظت في هذا الصدد، غياب البدائل مع التعويل على صندوق النقد الدولي كحل أول وأخير الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول مصادر التداين الأخرى.

كما أشارت إلى أن التداين الداخلي سيرتفع سنة 2023 بنحو 60 % إلى جانب تواصل ارتفاع خدمة الدين.

“قانون المالية لا يختلف عن سابقيه من قوانين المالية”

وأفاد رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين الاسعد الذوادي، أن قانون المالية لا يختلف عن سابقيه من قوانين المالية.

 التي قال بأن معظمها  أضر بالمؤسسات الاقتصادية وعمق الهوة بين دافعي الضرائب وبين من يتهربون من دفعها.

وأبرز الذوادي أن القانون المالية نص على فرض خطايا تأخير مشطة على المؤسسات والمطالبين بالاداء.

 وبين في الأثناء أن هذه الخطايا ستؤدي من وجهة نظره إلى مزيد إثقال كاهل المؤسسات وربما خروجها من دائرة النشاط و”موتها”.

واستغرب قرار الحكومة بمضاعفة خطايا التأخير على المؤسسات وخاصة الصغرى والمتوسطة منها والتي كانت تعاني من تداعيات أزمة كوفيد.

وعن تداعيات أحكام قانون المالية على المواطن التونسي، أفاد الذوادي أنه سيزيد إثقال المؤسسات الاقتصادية بأعباء جديدة سيكون لها تأثير سلبي على كلفة الانتاج.

وأشار الذوادي إلى أنه ما سيضطرها إلى الترفيع في هامش ربحها وترفيعها في الأسعار بما سيكون لذلك من تأثير في الأخير على القدرة الشرائية للمواطن.

وانتقد ما وصفه بالمغالطات بخصوص دفع الاستثمار والتشغيل وإحداث التنمية ودعم السكن الاجتماعي.

وأضاف الذوادي أن هناك إجراءات قطاعية منعدمة المردودية والتي يتم في إطارها إهدار المال العام وفق اعتقاده.

وخلص بأن ما قدمه عدد من أعضاء الحكومة على أن قانون المالية تضمن إجراءات هامة ذات طابع اجتماعي يندرج من وجهة نظره في إطار الشعبوية المقيتة.

 وتحدى الذوادي الحكومة بقديم تقييم بشأن عشرات مليارات الدينار التي قال إنها أهدرت في مشاريع وبرامج اجتماعية وصفها بالضحلة.

“قانون المالية كرس لغياب التشاركية وسيكون سببا في مزيد تدهور المقدرة الشرائية”

ومن جهته، اعتبر ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل نصر الدين ساسي، في هذه الندوة الحوارية أن المنظمة الشغيلة لها العديد من المؤاخذات على قانون المالية لعام 2023.

وقال ساسي أن أهمها غياب التشاركية عند صياغة قانون المالية ومسار إعداده.

وبين أن قانون المالية أصدر في ظروف استثنائية تعلقت بعدم وجود برلمان ولجان خاصة تدرسه وتقوم بالتعديلات الضرورية زيادة على عدم إرساء مسودة.

ولاحظ أن وزارة المالية عند صياغتها لقانون المالية لم تأخذ في الاعتبار المقترحات التي قدمتها المنظمة الشغيلة وفي مقدمتها طلب مراجعة السلم الضريبي في تونس.

ومن ضمن المشاغل التي تؤرق اتحاد الشغل الرفع المقنع لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية لأكثر من 33 % والمحروقات بحوالي 25 %.

واعتبر ساسي أيضا أن هذا الإجراء سيرفع من الأسعار وبالتالي مزيد الضغط على القدرة الشرائية للتونسيين.

ومن تحفظات اتحاد الشغل الاعتماد المفرط على التداين الخارجي لأن هذا القانون معتمد في شكل منه على الديون الخارجية دون توضيح سبل وطرق الحصول على هذه التمويلات الخارجية.

ومن جانبه صرح رئيس المنظمة التونسية لإرشاد لمستهلك لطفي الرياحي، أن الإجراءات التي أتى بها قانون لمالية لسنة 2023 ستضر بالقدرة الشرائية والاستهلاكية للتونسي.

وقال الرياحي خلال الحلقة النقاشية بان ذلك باعتباره سيكون الحلقة الضعيفة من القرارات التي تضمنها قانون المالية.

وأكد أن التونسي سيدفع القسط الهام والأكبر من الإجراءات الضريبية المتخذة بداية من السنة القادمة.

 مبررا ذلك بتوقع تواصل المنحى التصاعدي لنسق الأسعار في البلاد من خلال تطور نسبة الضخم برقمين 10.5% متوقعة لكامل 2023 الأمر الذي سيزيد من اهتراء القدرة الشرائية لعموم التونسيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى