نشرت صحيفة فاينانشال تايمز” البريطانية أمس الجمعة 17 ديسمبر 2022 مقالا تناولت فيه الاستحقاقات الانتخابية التي تعيشها تونس السبت 17 ديسمبر 2022.
وعنونت الصحيفة مقالها، الذي استندت فيه لأراء محللين وخبراء تونسيين، بأن الانتخابات التشريعية هي عملية “تزيين نوافذ لقرارات الرئيس قيس سعيد.
وقالت الصحيفة في مطلع المقال ” يقول محللون وسياسيون إن البرلمان الجديد سيكون “تزيين النوافذ” لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد.
وجاء مطلع المقال المنشور أن التوسنيين ينتخبون بعد مرور 17 شهرا على تعليق الرئيس التونسي ” الشعبوي ” قيس سعيد برلمانا ” بعدما استولى فعليا على جميع الصلاحيات وبدأ الحكم بمرسوم”.
وأشارت الصحيفة في نص المقال إلى المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد عشية الاعلان عن قرارات 25 جويلية والذي أتاح له امكانية التشريع في كل المجالات.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أصدر على مدار العام الـ17 شهرا الماضي مجموعة من المراسيم الرئاسية التي كانت فاعلة في عديد المجالات.
ومن ضمن المراسيم المرسوم الرئاسي المتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء والمرسوم الرئاسي المتعلق باعفاء أكثر من 50 قاض من مهامهم.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أصدر خلال الأشهر الفارطة الرسوم الرئاسي عدد 54 المتعلق بمكافحة الأخبار الزائفة والذي مثل انتكاسة في مسار حرية الصحافة والتعبير.
وقالت الصحيفة في مقالها أنه “بدلاً من الإشادة بالتصويت باعتباره استعادة للديمقراطية، قال محللون وسياسيون إن المؤسسة البرلمانية، التي جُردت من معظم الوظائف التي كانت تمارسها من قبل في علاقة بالتشريع فانها في نسختها الجديدة لن تعمل إلا على ختم قرارات الرئيس”.
وأشارت الصحيفة بأن ” البرلمان الذي تأسس بعد سنة 2011 والذي حله الرئيس كان يعد من نوادر التجارب الناجحة في الدول العربية باعتباره مكسب مسار كامل من النضال ضد دكتاتورية الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي”.
وعلقت الصحيفة بناء على أراء المحللين في مقالها ” وقد غرقت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا بشكل أعمق في الاستبداد منذ استيلاء سعيد على السلطة”.
ونقلت الصحيفة في مقالها أراء مجموعة من المحللين السياسيين والخبراء والناشطين الحقوقيين، وكانت الناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة قد صرحت للصحيفة قائلة ” لن يكون للبرلمان الذي ستفرزه الانتخابات من القيام بأي دور تشريعي غير المصادقة على القوانين التي سيقدمها الرئيس قيس سعيد”.
وأشارت بن حميدة ” قد يكون البرلمان موجودا نظريا لكن عمليا الرئيس يحكم وحده، وقد سبق أن رأيناه يدعو
الحكومة إلى خفض الاسعار على سبيل المثال الا أنه هو الذي يتخذ كل القرارات”.
وقالت الصحيفة أيضا بأن “الرئيس قيس سعيد الذي وقع انتخابه في 2019 أوضج منذ فترة أنه لا يوافق على الأحزاب السياسية أو الديمقراطية البرلمانية ويريد المزيد من السلطة المخولة للرئيس”.
وجاء في المقال “ونشر الرئيس دبابات لإغلاق البرلمان في يوليو 2021، قبل اعلانه تعليق الدستور الديمقراطي التونسي والشروع في إعادة تشكيل الدستور والنظام السياسي بالبلاد”.
وتضمن المقال أيضا ” كما قام أستاذ القانون الدستوري السابق بحل مجلس يضمن استقلال القضاء، ووضع معينيه في هيئة الانتخابات وقام بتهميش الأحزاب السياسية”.
وقالت الصحيفة في نص المقال “وفي يوليو من هذا العام، غير قيس سعيد الدستور لإضعاف الضوابط والتوازنات ومنح نفسه سلطات إضافية تمكنه من التحكم في الحكومة والقضاء.
وعلقت الصحيفة على الدستور الجديد بأنه الميثاق الجديد على أن القرارات الرئاسية “لا يمكن التشكيك فيها”، والذي قالت بأنه تم اعتماده عن طريق الاستفتاء قبل خمسة أشهر بإقبال شعبي ضعيف قدر بحوالي 30%.
وكشفت الصحيفة أيضا أن الرئيس “جادل، خلال مشاركته في قمة القادة الأمريكيين الأفارقة في واشنطن هذا الأسبوع، مرارًا وتكرارًا بأن أفعاله كانت قانونية وضرورية، مشيرة إلى أنه قال إنه اضطر إلى حل البرلمان لأن البلاد كانت على شفا حرب أهلية.
وأشارت الصحيفة في نص المقال إلى انه في انتخابات نهاية هذا الأسبوع، يمكن للأحزاب دعم المرشحين الذين يتم انتخابهم كأفراد على أساس الدوائر الانتخابية، لكن بموجب القواعد الصادرة عن سعيد لا يمكن لمن يترشحون الإعلان عن انتمائهم الحزبي”.
ونقلت الصحيفة في مقالها المنشور موقف الباحث في العلاقات الدوليّة ومدير مركز جامعة كولومبيا في تونس يوسف الشريف، وقالت الشريف للصحيفة إن غياب الأحزاب السياسية ومطالبة كل مرشح بتقديم 400 تزكية يخاطر بفتح الطريق أمام “المزيد من الفساد” للفوز في الانتخابات لما أسماه “برلمان الدمى”.
وبحسب ما جاء في المقال فقد كانت الحملات الانتخابية منخفضة، مع القليل من الأجواء الحيوية التي أحاطت باستطلاعات الرأي السابقة.
وقالت الصحيفة أن ” أحزاب المعارضة نظمت بعض الاحتجاجات ودعت أحزاب أكبر مثل حزب حركة النهضة الذي كان في يوم من الأيام أكبر حزب في البرلمان إلى مقاطعة الاقتراع”.
ونقلت الصحيفة أيضا أن خمسة أحزاب سياسية علمانية قالت في بيان مشترك “سلسلة الانتهاكات والخروقات للمبادئ الديمقراطية منذ الانقلاب الذي نفذه سعيد”
وواصلت ” تجريد التصويت التشريعي المزعوم حتى من أبسط معايير النزاهة والشفافية والديمقراطية. ما يعني أن البرلمان الناتج سيكون مجرد تزيين للنافذة”.
ونقلت الصحيفة أيضا موقف البرلمانية السابقة بكتلة حركة النهضة، سعيد الونيسي والتي صرحت بدورها ” هناك أزمة ثقة عميقة بين الجمهور والطبقة السياسية.
وواصلت “كان الناس غاضبين، لكنني أعتقد الآن أنهم لا يهتمون بالسياسة”.
وأشارت “كانوا ينتظرون شخصًا ما لإنقاذهم من خلال حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، لكن سعيد، الذي قال إنه سينقذهم، لم يغير شيئا لذلك يشعر الناس الآن بأنهم محاصرون”.
وقالت الونيسي أيضا ” فشلت سلسلة من الحكومات الائتلافية الضعيفة منذ عام 2011 في معالجة ارتفاع معدلات البطالة وتزايد الفقر”.
كما انتقدت المعارضة للصحيفة ، بما في ذلك النهضة، قائلة “إننا لا ننجح في اقتراح بديل موثوق به، لذا فهو وضع محظور”.
وقالت الصحيفة في جسم المقال “على الرغم من هجوم الرئيس سعيد على الديمقراطية الوليدة في البلاد، فقد رحبت فئات كبيرة من السكان الذين سئموا الأحزاب السياسية المنقسمة والتدهور الاقتصادي والحكومة غير الفعالة باستيلاء سعيد على السلطة”.
وأضافت أيضا “على الرغم من استمرار تعثر الاقتصاد في ظل حكم سعيد، حيث قال المحللون إن شعبية الرئيس تراجعت عن أعلى مستوياتها العام الماضي، إلا أن هذا لم يترجم إلى احتجاجات لاستعادة الديمقراطية”.
ونقلت الصحيفة في مقالها أيضا موقف محللين اعتبروا إن التحدي الرئيسي الذي لا يزال يواجهه سعيد هو الاقتصاد.
وأشاروا إلى الاقتصاد بأنه الذي أصيب بندوب شديدة بسبب جائحة كوفيد 19 والزيادة الحادة في أسعار السلع الأساسية في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة في المقال أيضا بأنه وخلال شهر نوفمبر المنقضي ، توصلت تونس إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
وقالت انه كان من المقرر أن يصادق مجلس إدارة الصندوق على الاتفاقية الأسبوع المقبل لكنه قال إن القرار تأجل إلى يناير كانون الثاني لمنح الحكومة مزيدا من الوقت “لاستكمال الشروط الأساسية للبرنامج”.
ونقلت الصحيفة أيضا صعوبات الحكومة التونسية في الوصول إلى حل خاصة أمام مواقف اتحاد الشغل الذي أعلن أن لديه أكثر من 1 مليون عضو وتمكن من وقف الاقتصاد بإضرابات قصيرة هذا الصيف.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى موقف الاتحاد المتعلق برفضه أنها سترفض تخفيضات الدعم وزيادة الأسعار المطلوبة بموجب اتفاق صندوق النقد الدولي.
ونقلت الصحيفة ايضا تصعيد الاتحاد من انتقاداته لرؤية سعيد السياسية.
اسكندر نوار