خصصت صحيفة “واشنطن بوست” في عددها الصادر يوم أمس الخميس 15 ديسمبر 2022، مقالا مطولا كشفت فيه تفاصيل اللقاء المطول الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بهيئة تحريرها وصحفيين.
وقالت الصحيفة أن اللقاء دام ساعة، وجاء خلال اليوم الثاني للزيارة التي يؤديها الرئيس قيس سعيد الى الولايات المتحدة الامريكية للمشاركة في القمة الأمريكية الافريقية.
عنونت الصحيفة المقال بـ” الرئيس التونسي ، قيس سعيد يرفض بكل تحد توبيخ الإدارة الأمريكية على تآكل الديمقراطية في تونس”.
ونقلت الصحيفة في مقدمة المقال عن سعيد إلقائه اللوم على “الأخبار الكاذبة” التي قال بأنها كانت السبب وأثثت الإنتقادات الغربية الواسعة لتعزيز صلاحياته الرئاسية.
وبينت الصحيفة في مقالها أمس أن قيس سعيد اتهم “قوى أجنبية” وأكدت أنه لم يسمها بمحاولة إثارة معارضة لحكمه.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس سعيد دافع بكل تحد عن الإجراءات التي اتخذها بعد مسار 25 جويلية.
وذكرت في الأثناء بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وآخرين يقولون أن الإجراءات تهدد الديمقراطية الناشئة التي برزت في يوم من الأيام على أنها النجاح الوحيد للربيع العربي.
وأشارت إلى أنه قال في اجتماع مع هيئة تحرير واشنطن بوست والصحفيين “هناك الكثير من أعداء الديمقراطية في تونس يريدون بذل كل ما في وسعهم لنسف الحياة الديمقراطية والإجتماعية للبلاد من الداخل”.
وأبرزت أن الرئيس قيس سعيد عاد إلى “لحظة مهمة بالنسبة لتونس بعد أكثر من عقد من إنتفاضة 2011 التي أنهت دكتاتورية طويلة وأطلقت موجة من الثورة في جميع أنحاء العالم العربي”.
كما لفتت إلى أن ”زيارته إلى واشنطن لحضور قمة الرئيس بايدن الإفريقية جاءت أيام فقط قبل الانتخابات”.
وأضافت الصحيفة في نص المقال أن “هناك تضارب بين الروايات الأمريكية والتونسية حول الأحداث منذ إنتخاب الرئيس قيس سعيد سنة 2019 والأهم بعد تعليق البرلمان في 2021.
ونقلت الصحيفة أن هذا التضارب بدأ أنه يشير خلال الزيارة إلى تصلب المواجهة بين البلدين حيث تهدد إدارة بايدن بوقف المساعدة المطلوبة ويرفض سعيد أي تلميح من اللوم.
وتابعت “دافعت واشنطن عن الديمقراطية الوليدة في تونس بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي وسعت لتوفير الدعم السياسي والاقتصادي”.
وفي حين انحدرت دول الربيع العربي الأخرى إلى الصراع أو الفوضى أو الحكم العسكري برزت تونس كنقطة مضيئة مستشهدة بالارتداد الديمقراطي”.
وذكرت بأن إدارة بايدن خفضت المساعدات المدنية والعسكرية لتونس بمقدار النصف تقريبًا في ميزانيتها المالية 2023.
ونقلت الصحيفة عن “سارة يركس” المسؤولة الأمريكية السابقة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ، تاكيدها أن أمل سعيد في أن تنهي انتخابات 17 ديسمبر “التوترات مع واشنطن”.
وأقرت “يركس” بأن المسؤولين الأمريكيين اشتكوا بالفعل من الإجراءات التي اتخذها سعيد لإضعاف السلطة التشريعية وتعديل القانون الانتخابي وهيئة الانتخابات.
وقالت يركس “يبدو أن سعيد يعتقد أن الامور ستعود بعد انتخابات يوم السبت إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات”.
وأشارت “من غير المرجح أن تسمح الولايات المتحدة بحدوث ذلك ولا ينبغي لهم ذلك”.
واعتبرت الصحيفة في المقال المطول أن التونسيين أيدوا في البداية قيس سعيد الذي قالت إنه تم انتخابه في انتخابات خريف 2019 الرئاسية على أمل القضاء على الفساد وإصلاح المشاكل التي تعصف البلاد .
ووصفت الإجراءات التي تم اتخاذها بعد 25 جويلية بالإستبدادية ذاكرة على وجه الخصوص حل المجلس الأعلى للقضاء الذي ذكرت بأنه أعلى هيئة قضائية بالبلاد واقالة قضاة بشكل جماعي في اشارة إلى عزل 57 قاضيا وإقرار دستور شددت على أنه يمنحه صلاحيات واسعة وعلى أن ذلك تم دون مواجهة مشاكل غلاء معيشة التونسيين التي قالت انها تقلقهم أكثر.
وعادت صحيفة واشنطن بوست في مقالها أيضا على استفتاء 25 جويلية على الدستور الجديد أو ما يعرف بدستور جوان 2022.
وبينت الصحيفة أن المصادقة على الدستور الجديد جاءت في استفتاء تميز بضعف الإقبال وإن ذلك كان وراء توبيخ علني بشكل غير مسبوق من وزير الخارجية انطوني بلينكن.
وذكرت الصحيفة في مقالها بأن الوزير كان قد أشار وقتها إلى ” تآكل مقلق للديمقراطية ادى الى قلب مكاسب تم تحقيقها بشق الأنفس منذ عام 2011″.
وذكرت أيضا بأنه تم منذ مسار 25 جويلية محاكمة نشطاء وصحفيين لانتقادهم السلطات وأن ذلك تم في بعض الأحيان أمام القضاء العسكري وأنه تم إصدار قوانين أبرزت أن منتقديها حذروا من ضربها و تقويضها حرية التعبير.
ويأتي هذا في إشارة إلى المرسوم 54، لافتة إلى إجراء محاكمات لعديد من المعارضين السياسيين ومنعهم من السفر.
وبينت الصحيفة أن أحزابا في المعارضة، منها حركة النهضة اعتبرت ما حدث “انقلابا”، وأن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي وصفته بالطرف القوي في البلاد عارض أجندة قيس سعيد وشجب الإنتخابات.
وأكدت أن سعيد رفض خلال اللقاء الذي قالت أنه إستمر ساعة أي “نقد شرعي” لمساره ونقلت عنه تشديده على وجود حملة لتقويض حكمه.
وقال سعيد في هذا الاتجاه: “حركة منسقة بالكامل يقودها أعداء الديمقراطية هؤلاء الذين أرادوا نهب الناس، الذين أرادوا سلب الشعب، والذين أرادوا تفجير الدولة من الداخل”.
في سياق متصل دافع سعيد عن إجراءات 25 جويلية 2021 وعن تعليق عمل البرلمان.
وقال سعيد إن المقاعد كانت “تُباع وتُشترى” في البرلمان السابق.
وقال إن دستور 2022 منح التونسيين حقوقا وحماية أكبر من الدستور السابق للبلاد.
وبينت الصحيفة من جهتها أن منتقدي الرئيس يعتبرون أن الدستور قضى على الضوابط والتوازنات اللازمة لضمان مثل هذه الحقوق وأنهم يصفون صياغة سعيّد بالغامضة.
وتابعت الصحيفة في مقالها ” في حين يقول مسؤولو إدارة بايدن إنهم يفضلون عادةً توجيه انتقادات لسجلات الدول الشريكة في مجال حقوق الإنسان والحقوق السياسية في السر فقد اتخذوا موقفًا عامًا ينتقد بشدة تونس”.
واستطرد المقال: “ويمثل هذا تباعدا عن الحلفاء في أوروبا الذين يقول محللون إنهم يركزون أكثر على إيقاف موجة المهاجرين المتدفقة من شمال إفريقيا”.
من جهة أخرى، ذكرت واشنطن بوست أن سعيد إلتقى بعد اجتماع بهيئة تحريرها مع بلينكن الذي قالت إنه أشار في ملاحظاته الافتتاحية إلى آماله في انتخابات شفافة.
ونقلت عن مسؤول وصفته بالكبير في وزارة الخارجية قالت انه اشترط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المحادثات رفيعة المستوى، قوله” بينما دعمت إدارة بايدن انتخابات 17 ديسمبر فإنها ستبحث عن خطوات إضافية لوضع تونس في مسار مختلف.”
وقال المسؤول، وفق الصحيفة، “الأمر يتعلق دائمًا بأكثر من مجرد انتخابات.. يتعلق الأمر بالتنفيذ إنه يتعلق بالروح الديمقراطية التي يجب أن تتجاوز آلية الانتخابات نفسها”.
وردا على سؤال حول كيفية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي دون مزيد من نفور التونسيين، رد سعيد: “بالتأكيد على أنه سيسعى لمساعدة الشركات الصغيرة ومكافحة البطالة”.
وبينت الصحيفة في نص المقال، أن المصدر قدم القليل من التفاصيل في هذا الموضوع.
وأضاف: “بالطبع إذا أردنا تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بنجاح ، فنحن بحاجة إلى إدارة محايدة ومحايدة تمامًا”.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن سلسبيل شلالي مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس ”إن سعيد لم يتمكن من حل الضائقة الاقتصادية التي تهم التونسيين”.
وأضافت: “سعيد الآن هو المسؤول عن الأزمة”.
وواصلت في ختام المقال “والأمر متروك للشعب التونسي بدعم من أصدقاء الديمقراطية في كل مكان، للمطالبة بالعودة إلى حكومة خاضعة للمساءلة ..حكومة ذات ضوابط وتوازنات وضمانات لحقوق الإنسان كأفضل طريقة للمضي قدمًا”.