سياسةمحلية

خطاب الطبوبي.. ماذا وراء تغيير اللهجة وقلب الطاولة؟

على أبواب الدخول في السنة الإدارية الجديدة، تعيش الساحة السياسية والمنظماتية التونسية حالة من الغليان في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن مشروع قانون المالية لسنة 2023.

وكانت في وقت سابق قد أعلنت مجموعة من المنظمات الوطنية، على غرار هيئة المحامين وكوكناكت، رفضها المطلق لما جاء في مشروع قانون المالية 2023 خاصة في الوقت الذي تتجه فيه الحكومة التونسية إلى مزيد اعتماد إجراءات تقوم بالترفيع في الضغط الجبائي الذي تعيشه تونس منذ مدة.

وكان إتحاد الشغل خلال اليومين الأخيرين قد بدل من منحى الخطاب، والذي ظهر السبت الفارط على لسان أمين عام المنظمة الشغيلة نورالدين الطبوبي، بمضمون الدعوى إلى  إلى ضرورة تغيير تعامل الحكومة والرئيس مع الإتحاد.

وكان الطبوبي قد أعلن بصريح العبارة عن ضرورة توقف هذا المسار عند حده خاصة بعد أن وصفه بالمسار ” الغامض الذي سيقود البلاد إلى الهاوية وسيبيع الشعب التونسي”.

ولن ننسى أيضا التصريحات الأخيرة التي أدلى بها اليوم سامي الطاهري نائب الأمين العام بالاتحاد والذي كان قد أشار في تصريحاته إلى أن هذا المسار خارج عن الدستور وكان من المفروض أن تنتهي بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها.

في خضم هذا الزخم الانتخابي الذي تعيشه تونس، يبرز  الإتحاد كقاعدة شغيلة و”قوة سياسية معارضة” وفق تعبير عدد من المحللين، ليعارض مسار الرئيس والحكومة ويدعوهم إلى تغيير طريقة التواصل معه، داعيا بذلك إلى التريث لحظة وإما الحوار الجدي أو إنهاء هذا المسار.

“خطاب الطبوبي بمثابة الإعلان الرسمي للمعركة بين المنظمة الوطنية والسلطة التنفيذية”

اعتبر المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي في تصريح خاص لتونيزيا لايف  أن تصريحات الأمين العام لإتحاد الشغل هي بمثابة الإعلان الرسمي للمعركة بين المنظمة الوطنية والسلطة التنفيذية  التي يمثلها رئيس الجمهورية قيس سعيد أو الحكومة 

وقال العبيدي ” إتحاد الشغل يعيش حالة ضغط داخلي من خلال قواعده التي تتمثل في النقابات الأساسية في بعض القطاعات الأساسية والتي تعاني من عملية التمويل على غرار قطاعات التعليم والصحة وغيرها”.

وواصل العبيدي قائلا ” بناء على خطاب الطبوبي السبت كأن اتحاد الشغل  تخفف بكل الضغوطات القضائية التي كانت تلاحقه منذ مدة في علاقة بشرعية المؤتمر الأخير الذي عقده”.

واعتبر العبيدي أن اتحاد الشغل أراد يوم السبت توجيه رسالة الى كل من الرئيس قيس سعيد والحكومة مفادها أنه بات يمثل قوة سياسية بالبلاد، والتي أراد من خلالها إثبات أنه قوة يمكن أن تعارض هذا المسار.

“الاتحاد ماضي في معركة كسر العظام لان قيادته تواجه ضغوط متزايدة من قواعدها”

من جانبه اعتبر المحلل والكاتب الصحفي هادي الحريزي  في تصريح لتونيزيا لايف أن المرحلة الحالية هي مرحلة مواجهة اجتماعية بين الحكومة واتحاد الشغل بالنظر إلى أن الاتحاد عيل صبره ونفد إزاء مطالبته للحكومة بالجلوس الى الحوار والخيارات الاقتصادية التي مضت الحكومة في اتخاذها تناقض وتتعارض كليا مع استحقاقات العمال ، وفق تعبيره.

وأوضح الحريزي  أن ” الحكومة في نظر الاتحاد تمضي في اتجاه خوصصة المؤسسات العمومية كما أن ارتفاع الأسعار وغياب المواد الأساسية الغذائية ضرب في مقتل كل ما روج حول التزام الحكومة بالحفاظ على القدرة الشرائية للأجراء والطبقتين الوسطى والعاملة” .

وأعتبر الحريزي أن قانون المالية للعام الجديد مثل انعكاسا لاحتدام وجهات النظر بين الطرفين.

وقال في هذا الصدد ” أعتقد أن الاتحاد ماضي في معركة كسر العظام لان قيادته تواجه ضغوط متزايدة من قواعدها العاملة، يضاف اليه نبرة خطاب الحكومة تبدو في ذروة الاستخفاف واللامبالاة بقدرة اتحاد الشغل على قلب المعادلتين الاجتماعية والسياسية”.

وواصل الحريزي “وما دعوة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بتعديل وزاري الا بداية اذابة الثلج وهي آخر الدعوات قبل توجه المنظمة الى المطالبة ربما برحيل الحكومة الحالية مع الإعلان عن التفصي بشكل تام عن المسار السياسي بما فيه عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 17 ديسمبر الحالي”.

وإختتم الحريزي قائلا ” أعود للتأكيد، ان خطوط النار مفتوحة بين الحكومة والاتحاد، والأيام المقبلة ربما ستشهد تنظيم تجمعات عمالية قطاعية قبيل عقد الهيئة الإدارية للاتحاد التي ستكون مجبرة على تحميل كل طرف مسؤولياته في ظل حالة العجز والوهن التام عن ادارة الشأن العام”.

وواصل ” الرئيس التونسي قيس سعيد وكذلك حكومته مدعوان الى بعث رسائل من شأنها تخفيف حدة الازمة ومن دور سعيد دعوة الاتحاد الى حوار مسؤول وجاد يفضي الى حلول على قاعدة من التشاركية و بالاستناد الى إجراءات وقرارات تمثل حلولا للأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها تونس” .

“انتفاضة الاتحاد هي نتاج للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد منذ فترة”

من جهته قال المحلل السياسي مراد علالة أنه يمكن القول أن انتفاضة قيادة اتحاد الشغل السبت هي نتاج للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد منذ فترة وحالة التذمر التي تعيشها كل الفئات الاجتماعية منذ فترة.

وأضاف علالة أن من ضمن الأسباب أيضا أسلوب تعامل الحكومة التونسية مع الاتحاد وغياب التفاوض مع الطرف الاجتماعي في حد ذاته والذي اعتبره مستفزا نوعا ما.

وقال علالة ” والسبب الثالث في انتفاضة الاتحاد هو التوافق مع صندوق النقد الدولي الأخير الذي لم يكن الاتحاد عالما بتفاصيله وشروطه”.

وأشار علالة أن هذا التحرك يأتي من الطبوبي للفت نظر رئيس الجمهورية قيس سعيد ودعوته لتغيير أسلوبه في التعامل مع المنظمة الشغيلة وبالتالي فهو دعوة الى تغيير أساليب خطاب وتعامل السلطة التنفيذية مع الاتحاد.

حلة جديدة يظهر بها إتحاد الشغل خلال هذه الأيام، ليكون هو المعادلة الكاسرة للعجلة التي تدور منذ إجراءات  25 جويلية 2021 إلى اليوم، بطريقة جديدة وبأسلوب جديد، داعيا إما إلى تغيير الحكومة أو الجلوس إلى الحوار، خاصة في الوقت الذي توشك فيه تونس عن نيل أول قسط من قرض صندوق النقد الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى