اقتصادمحلي

مع ارتفاع عائدات زيت الزيتون.. أي تأثير على عجز الميزان التجاري

ينطلق موسم جني الزيتون في تونس، لتنطلق معه التكهنات حول قيمة الصابة السنوية التي يمكن أن تحققها البلاد، خاصة في الوقت الذي تحتل فيه المراتب الاولى عالميا في انتاج هذه المادة المهمة، وصنفت  تونس في جانفي الفارط اول مصدر عالمي لزيت الزيتون.

وسجلت تونس خلال السنة الحالية ارتفاعا في قيمة عائدات زيت الزيتون بنسبة  39.3 في المائة مقارنة بالسنة المنقضية، وليبلغ بموجب هذا الارتفاع رقم معاملاتها 2049 مليون دينار،  وفقا للمعطيات التي نشرها المرصد الوطني الفلاحي بالبلاد، ليمكنها هذا من احتلال المركز الثالث عالميا في انتاج زيت الزيتون.

وبناء على ذات المعطيات التي كشفها المرصد، فان قيمة الصادرات كانت قد سجلت تراجعا طفيفا خلال السنة الحالية ومقارنة بالسنة الفارطة، حيث قدرت قيمة الصادرات خلال السنة الحالية بـ 205،8 الف طن خلال السنة الفلاحية 2021 و 2022، في حين ان قيمة الصادرات قدرت خلال الموسم الفلاحي 211 الف طن خلال الموسم الفلاحي 2021 و 2020.

السبب في ارتفاع قيمة العائدات هو تراجع العرض وارتفاع الطلب

وقال محمد النصراوي، كاتب عام جامعة الزياتين التابعة لاتحاد الفلاحين لتونيزيا لايف بأن هنالك تراجع في الإنتاج مقارنة بالمواسم الفارطة، معتبرا بأن هذا التراجع في الإنتاج الذي لم يشمل تونس فقط وإنما العالم هو نتاج للتحولات المناخية التي يشهدها العالم وارتفاع الحرارة ونقص المياه.

وحول ارتفاع قيمة العائدات وتراجع الانتاج قال النصراوي ” السبب في ذلك هو تراجع العرض وارتفاع الطلب، فالاسعار ارتفعت أكثر مع نقص الانتاج واعتقد بان للحرب الروسية الاوكرانية والازمة المناخية دور كبير في ذلك”.

واشار النصراوي ايضا إلى أن عديد المنتجات الزيتية التي كان تستهلك في عديد الدول كانت ترد من اوكرانيا وروسيا،مشيرا إلى أن السوق العالمي توجه اليوم إلى خيار زيت الزيتون ما ادى إلى ارتفاع سعره في السوق.

ودعا النصراوي في تصريحه الخاص لـ تونيزيا لايف السلطات التونسية إلى العمل على تطوير أشجار الزيتون والبحث عن انواع موجودة اليوم في العالم قادرة على تحمل الجفاف وبالتالي تأقلمها مع التغيرات المناخية، معتبرا أن هذا الحل يمكن أن يدعم الفلاح ويحافظ على نسق الإنتاج خاصة في المواسم القادمة.

قيمة عائدات زيت الزيتون مهمة لكنها لا تغطي عجز ميزانية الدولة

من جانبه قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان لتونيزيا لايف بان عائدات زيت الزيتون المسجلة سنويا أصبح تتجاوز 2 مليار دينار سنويا وهو أمر مهم جدا، مشيرا إلى الدور المهم للقطاع الفلاحي في اقتصاد البلاد. 

وقال سعيدان ” بالرغم من هذا الرقم المحترم، الا انه تبقى ثمة مجموعة من الملاحظات المهمة جدا والتي من بينها امكانية تذبذ نسق الانتاج هذا او تراجعه خاصة وان 10 في المائة فقط من الانتاج الزيتي الذي يتم تعليبها وتصديرها، والفارق في السعر هو ما يسمى بالقيمة المضافة “،وفق قوله.

وقال سعيدان بأنه يجب على الدولة التونسية العمل على الاستثمار في النسبة التي يقع تعليبها وتصديرها وخلق اسم تجاري لها والعمل على تسويقها بطريقة أفضل يمكن أن يرفع أكثر في قيمة العائدات على الاقتصاد الوطني باضعاف الاضعاف.

وواصل سعيدان قائلا ” بالرغم من هذه العائدات المهمة إلى ان الاقتصاد التونسي يعاني من نسبة عجز في الميزان التجاري يفوق طاقة الاقتصاد على التحمل، فخلال التسع أشهر الاولى بلغت فيمة العجز التجاري 19,3 مليار دينار وخلال الـ10 اشهر الاولى 21.3 مليار دينار من العجز في الميزان التجاري فقط”.

وقال سعيدان بان تونس تعاني من عجز يفوق 2.1 مليار دينار كل شهر ، مشيرا إلى ان صادرات زيت الزيتون بالرغم من قيمتها المهمة فانها لا تغطي شهر واحد من العجز التجاري الذي تمر به البلاد.

ودعا سعيدان إلى دعم الصادرت الاخرى على غرار الصناعة والنسيج والملابس الذي جعل من تونس سنة 2010 أكبر مزود  بعد أن صارت تحتل المركز العاشر اليوم. 

فلاحون بالجهات.. تراجع الإنتاج سببه قلة الأمطار وعوامل أخرى

وقال محمد الكرمي فلاح بولاية مدنين جنوب البلاد لتونيزيا لايف منتجات زيت الزيتون خلال الموسم الحالي وخلال السنوات الاخيرة تشهد تراجعا بسبب ندرة التساقطات.

وقال الكرمي ” اغلب الفلاحين بالجهة يعولون على غابات الزيتون التي لا تقوم على الري، والسنوات الاخيرة ثمة ندرة في التساقطات حتى انا بعض الغابات ماتت جراء العطش “.

وأشار الكرمي إلى أن العديد من الفلاحين توجهوا إلى حفر الآبار لتمكين للتعويل على الجانب السقوي في إنتاج زيت الزيتون و لايجاد حل لازمة التغيرات المناخية.

من جهته قال علي مبارك، فلاح من بولاية صفاقس، لتونيزيا لايف بأن الإنتاج الزيتي تراجع بشكل عام خلال الاعوام الاخيرة، واشار في ذات السياق إلى ندرة التساقطات بشكل رئيسي وبعض الامراض الاخرى التي تصيب شجرة الزيتون في أكثر من مناسبة وتؤدي إلى نفوق إنتاجها قبل دخول موسم الجني.

وقال مبارك ” من ضمن الاشكاليات التي يعانيها الفلاح ايضا جراء ندرة التساقطات هي اشكالية التصحر التي باتت تهدد غابات الزيتون بالجهة، بالرغم من ان الزيتون هو المنتج الفلاحي الوحيد الذي لا يعتمد كثيرا على الاسمدة او اي متطلبات يمكن ان تكون مفقودة، لكن ندرة التساقطات وبعض الامراض وتوقف وزارة الفلاحة عن القيام بحملات الدواء صار مشكلا يؤثر على الانتاج”.

على ابواب موسم فلاحي جديد لا يزال في بدايته، وبالرغم من التكهنات بتراجع الصابة خلال الموسم الفلاحي الحالي الا أن تونس تعول كثيرا على مسالة تراجع العرض وارتفاع الطلب، الامر الذي يمكن ان يحدث فارقا في السوق العالمية، ويحدث فارقا في العائدات على الاقتصاد الوطني بالبلاد.

اسكندر نوار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى