بعد مرور أكثر من 11 سنة منذ اندلاع الثورة التونسية وأكثر من عام منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية والانطلاق في إصلاحات، ومازالت الاوضاع متجهة نحو التردي أكثر فأكثر، خاصة في عدد من القطاعات الحيوية والمهمة في الحياة اليومية للمواطن وعلى رأسها النقل.
ويعاني قطاع النقل العمومي في تونس خاصة على مستوى العاصمة أزمة كبيرة، والتي تمثلت بالأساس في عدم قدرة استيعاب الشركة للكثافة السكانية التي قدرت في آخر تعداد للسكان بـ 4 مليون مواطن يعيشون بولايات تونس الكبرى ويتنقل عدد كبير منهم يوميا عبر وسائل النقل العمومية.
وأعلنت شركة نقل تونس مساء أمس الثلاثاء بصفة فجئية عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، دخول أعوانها وموظفيها في إضراب مفتوح اليوم الأربعاء دون الكشف عن أسباب الإضراب أو سياقه، ما أفرز أزمة عامة في النقل بالعاصمة تونس وولايات منوبة وأريانة وبن عروس.
ويعاني قطاع النقل في تونس منذ سنوات حالة من الاكتضاض والتأخر وتردي الأسطول، الأمر الذي دفع بالعديد من المواطنين التنديد بسوء الخدمات على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وحتى في الفضاءات العامة، والتي وصلت في بعض الأحيان وببعض الجهات إلى تعنيف سواق الحافلات والاعتداء عليهم.
في هذا الصدد يقول الشاب منتصر، 23 عاما، وهو أحد متساكني ولاية منوبة ” خلال فصل الصيف يعاني المواطنون الذين يتنقلون من ولاية منوبة إلى وسط العاصمة من ارتفاع كبير وكبير جدا بسبب تعطل المكيفات بعربات الميترو الجديد”.
ويواصل الشاب منتصر” تقريبا المعاناة لا توصف أبدا على متن المترو.. لسببين رئيسين، الأول تعطل المكيفات والثاني الاكتظاظ، ثم إن خط منوبة يشهد ترديا كبيرا على مستوى التوقيت وتقريبا تقدر المدة الفاصلة بين المترو والمترو ساعة تقريبا، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الركاب في المحطات”.
وعلى مستوى العاصمة تونس، أدت ندرة توفر التكسي الفردي إلى مزيد تعميق أزمة النقل العمومي، خاصة في الوقت الذي يتجه فيه أغلب سواق التكسي الفردي إلى العمل بتطبيق ” بولط” وهو ما يدفع كل المواطنين إلى إعتماد الميترو كوسيلة نقل للتنقل.
وتسببت هذه المسألة بدورها في نوع من الضغط على وسائل النقل العمومي من قبيل المترو أو الحافلات، الأمر الذي زاد الطين بلة، وسرع في عملية تهرم أسطول الشركة بسرعة باعتبار وأن وسائل النقل العمومي أضحت تحمل مواطنين أكثر من طاقة إستيعابها.
من جانبه يقول سمير، أحد موظفي الشركة لتونيزيا لايف ” إضرابنا هذا يأتي على إثر تخلف الشركة عن صرف أجورنا، في العادة تتم عملية صرف الأجور قبل إنتهاء الشهر، وما فاجأنا هو أن الشركة لم تقم بصرف أجورنا لشهر أكتوبر ونحن اليوم في الثاني من نوفمبر”.
وواصل سمير ” لكل منا ظروفه كسائر التونسيين ولنا الحق في التمتع بأجورنا في الفترة الزمنية اللازمة، والتأخر في صرف الأجور دون تواصل سلطة الإشراف معنا يعني يعني تجاوز الخط الأحمر لموظفي الشركة وهذا دافع إضرابنا”.
ويكشف سمير أيضا ” اليوم معظم الموظفين في شبابيك التذاكر يعانون من عدم توفر أبسط المتطلبات للعمل على غرار بعض المعدات أو حتى تجهيز دورات المياه بالمياه في حد ذاتها”.
وندد سمير أيضا بتجاهل الشركة لكل المطالب التي يدخل بسببها موظفو وأعوان الشرطة في خلافات مع المواطنين والتي يمكن أن تعرضهم إلى الخطر مثل تعطل المكيفات أو تأخر المتروات أو الأعطاب التي تتعطل معها مصالح المواطنين ويذهب ضحيتها الأعوان.
من جانب أخر، يقول الشاب ضياء الدين المرزقي، 25 عاما، أصيل منطقة البدرية بمنوبة ” الحقيقة أنني كنت أعول دوما على الحافلات للتنقل، لكن خلال السنة الحالية وجدت نفسي عاجزا تماما عن احتواء الازدحام وإيجاد حل للتنقل..فقد صار من الطبيعي أن تجد شخصا يضع ساقا على حافة أخر درجة من باب الحافلة.. الأمر سيئ جدا”.
ويضيف ضياء ” اتجهت إلى التعويل في التنقل على سيارتنا العائلية بسبب هذا الضغط الفادح الذي بات يؤثر حتى على حياتي المهنية وقد يتطلب في بعض الأحيان طردي من العمل بسبب التأخير المسجل على مستوى النقل أو الاكتظاظ الذي يدفعك إلى الانتظار لساعات في المحطة”.
ويكشف ضياء أيضا على أن ارتفاع أسعار المحروقات دفع بالعديد إلى عدم اعتماد وسائل النقل الخاصة بهم والتوجه نحو وسائل النقل العمومي، وهو من الأسباب الفاعلة أساسيا في هذا المشكل.
إضراب فجئي كانت قد دخل فيه موظفو شركة نقل تونس اليوم، كان قد أفرز حالة من الفوضى بالعاصمة وتوترا في صفوف المواطنين الذي يتوجهون إلى العمل يوميا من مناطق بعيدة عن عملهم، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خلق مشاكل كبيرة لهم في أعمالهم ونشاطاتهم اليومية في حال لم تتدخل سلطة الإشراف بطريقة عاجلة لحل هذا المشكل.
اسكندر نوار