أفادت المديرة التنفيذية للمعهد العربي لحقوق الإنسان هاجر الشهبي الحبشي أن الديناميكية الجديدة للهجرة غير النظامية تتميز في فترتها الحالية بزيادة في عدد المهاجرين الحاصلين على شهادات علمية وخرّيجي جامعات ورياضيين وهو ما يكشف حسب تقديرها عن حالة يأس جماعي تسيطر لا على الشباب العاطل فقط بل على شرائح مختلفة من المجتمع وتدفعهم إلى المغامرة الخطيرة في سبيل تحسين أوضاعهم الاقتصادية خارج البلاد.
وأضافت هاجر الحبشي في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، اليوم الجمعة، أن المشاهد اليومية للجثث التي يلفظها البحر لم يثن التونسيين بمختلف فئاتهم وأعمارهم عن خوض حسب توصيفها غمار “رحلة الموت” لبلوغ الضفة الأخرى مرارا و تكرارا.
واعتبرت أن اللافت للنظر في الآونة الأخيرة هو أنّ ديناميكية الهجرة في تونس شهدت تطوّرات عديدة حيث ظهرت في سياقٍ مختلف وبملامح مستجدّة من حيث طرق ومسارات الهجرة وطبيعة المهاجرين و الانتماء الاجتماعي والتصنيف السكاني إذ كانت تقتصر على الشباب العاطل عن العمل سابقا والذي يعيش هشاشة اجتماعية في حين أصبحت اليوم تضم عائلات بأكملها ونساء و أطفال وحتى موظفات وموظفين وهي خاصيات لم تعهدها تونس من قبل ولكنها أصبحت اليوم واقعا رغم مآسي الحوادث وقصص المفقودين.
وأشارت إلى أن الهجرة غير النظامية أظهرت مسارات جديدة لبلوغ الضفة الأخرى للمتوسط لا تقل خطورة عن استعمال القوارب للوصول إلى السواحل الإيطالية على غرار السفر عبر تركيا ومنها إلى صربيا ليتم التنسيق مع شبكات المهرّبين لإدخال المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي بمقابل مادي يتم الاتفاق عليه وهو ما يفتح حسب تقديرها باب الاستغلال والاتجار بالبشر والابتزاز.
وبخصوص أسباب الهجرة، لفتت المديرة التنفيذية للمعهد العربي لحقوق الإنسان إلى أن “الأزمة متعددة الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعتبر الدّافع الرئيسي للمخاطرة والخروج من تونس عبر مسارات غير نظامية ومحفوفة بالمخاطر”، مبرزة سعي المهاجرين إلى تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية بسبب تداعيات الأزمة الصحية لكورونا وارتفاع نسب البطالة.
وأكدت أن العديد من الأسباب الأخرى ترتبط أساسا بضبابية الوضع والشعور بفقدان الأمل من التوجّهات السياسية والاقتصادية الحالية حيث تساهم الهزّات الاجتماعية وحالة عدم الاستقرار التي تعرفها البلاد في مزيد الدفع نحو مزيد التعبئة والتحريض على الهجرة الى جانب المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي بما فيه من تداعيات على الفئات الضعيفة والمحرومة الأمر الذي ساهم في إيجاد بيئة مناسبة ومحفّزة على الهجرة.
واعتبرت أن الحلول الحقيقية لمسألة الهجرة غير النظامية تكمن في اعتماد مقاربة تشاركية شاملة تتناول مختلف أبعاد الهجرة غير النّظامية، مؤكدة أن مختلف الحوارات والاتفاقات والمفاوضات بين الجانب التونسي وباقي الدول المستقبلة للمهاجرين غير النظاميين أظهرت فشل المقاربة الأمنيّة المعتمدة.
كما شددت على أن الخروج من المقاربة الأمنية، يقتضي حسب تقديرها، اعتماد مقاربة تراعي حقوق الإنسان وتساهم في خلق التنمية في الجهتين وهو ما يبرز دور المجتمع المدني التّونسي الذي يضغط بشكل مستمر لحماية المهاجرين غير النظاميين ويدعو إلى تفعيل المعايير الدولية لحمايتهم.