اخبار وطنية

تونس .. بعد نهاية الحرب ضد كورونا مالذي ينتظر الانسان والبيئة ؟

تحقيق

بعد ان أوقف جميع الناس مواضيع الحديث عن كورونا وعن تكدس أكياس قمامة نفايات التحاليل الطبية قبالة أقسام الاستعجالي بالمستشفيات العمومية في تونس. وهما الأمران اللذان دفعا بالشيخ محمد السالمي تذكر وقوفه قبل 3 اشهر امام مستشفى الرابطة بتونس العاصمة إلى اليأس من إجراء تحليله الطبي حتى يتقصى حالته الصحية بعد أن شعر بإرهاق وارتفاع في درجة الحرارة منذ أيام. كان هذا الدافع الرسمي الذي أرغمه على التوجه إلى المستشفى بتونس.

لكن سرعان ما ارتفع معدل الإحباط في نفسه ممزوجا بالقلق والخوف عندما وجد أكياس قمامة الكورونا ملقاة قبالة قسم الاستعجالي بالمستشفى. ” أكياسا بلاستيكية صفراء تحمل شعارات سوداء قيل لي بأنها تعني ” سام وخطير ” وفي نفس الوقت وضع معها صندوق خشبي خصص لإخراج الموتى من المستشفى ” هذه الوضعية التي كان قد وصفها لنا الشيخ محمد السالمي، بوجهه الشاحب والمنهك.

يوثق هذا التحقيق الصحفي خطورة نفايات التحاليل الطبية زمن انتشار فيروس كورونا على صحة الإنسان و الطبيعة والكائنات الحية في الوقت الذي تخل فيه الدولة بالإجراءات اللازمة للتخلص من هذه النفايات، ما يمكن أن يتسبب في أمراض خطيرة على صحة الإنسان واستنزاف البيئة والكائنات الحية.

أكياس القمامة أضحت ديكوراللمؤسسات الاستشفائية

لم يكن الشيخ محمد هو الشخص الوحيد الذي لاحظ هذا المشكل في مستشفى الرابطة بتونس العاصمة، وإنما أيضا الشابة التونسية فاطمة حرزلي ، 22 سنة، كان ذلك في الفترة التي التجأت فيه لإجراء تحليل مخبري سريع للتأكد من حالتها الصحية. ما دفعها للتوجه إلى مستشفى الرابطة بتونس العاصمة، تقول فاطمة ” كنت في البداية خائفة من أن أصاب بفيروس كورونا أو أن يكون تحليلي السريع ايجابيا، لكن عندما بلغت قسم الاستعجالي صدمت مما رأته عيناي، أكوام كبيرة من الأكياس البلاستيكية التي كانت تحتوي على نفايات الكوفيد، ربما قمت بإجراء التحليل إلا اني سرعان ما اتخذت قرارا بعدم العودة إلى المستشفى … كان المشهد مرعبا بالنسبة لي وغريبا، مالذي يمكن ان تتسبب فيه تلك النفايات هناك على صحة الإنسان والبيئة عموما “

بعد إجراء المقابلة مع الشابة فاطمة تنقلنا على عين المكان لملاحظة ما يحدث وكنا قد رصدنا نفس المشهد، أكياس بلاستيكية صفراء للنفايات الطبية ملقاة قبالة الباب، وكان المشهد بالضبط كما وصفه الشيخ محمد السالمي قبالة المستشفى، كان قد وضع على الأكياس الصفراء صندوق يقع فيه حمل الموتى وفي نفس الوقت وقع خلط نفايات الكورونا بنفايات أخرى عادية لا تندرج في خانة النفايات الطبية.

بالحديث عن سبل وطرائق التخلص من هذه النفايات، كانت منظمة الأمم المتحدة قد نشرت حوارا خاصة على صفحتها ” برنامج الأمم المتحدة” مع كيث الفيرسون، مدير المركز الدولي للتكنولوجيا البيئية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في أوساكا، اليابان والذي كانت قد عرضت فيه سبل التخلص من النفايات الطبية بمختلف انواعها، وفي هذا الصدد يحذر الفيرسون ” تشكل المعالجة والتخلص غير السليم من نفايات الرعاية الصحية مخاطر جسيمة لانتقال الأمراض الثانوية بسبب التعرض للعوامل المعدية بين ملتقطي النفايات، والعمال في مجال النفايات، والعاملين في المجال الصحي، والمرضى، والمجتمع بشكل عام حيث يتم التخلص من النفايات بشكل غير صحيح. إن الحرق في الهواء الطلق والحرق بدون مراقبة كافية للتلوث يعرض عمال النفايات والمجتمع المحيط بها إلى ملوثات سامة في انبعاثات الهواء والرماد.

النفايات الطبية خارج إطار القانون

بعيدا عن كل التفاصيل، عملنا على متابعة الخطوات التي يقع اتباعها من طرف سلط الاشراف التونسية و عملا منا على متابعة ما يحدث كنا قد تحدثنا مع حمدي شعبان الخبير في التصرف في النفايات، وتحدث حمدي عن طرائق التخلص من النفايات الطبية، حيث أشار إلى أنه منذ سنوات ” كان يقع التخلص من نفايات الأنشطة الطبية من خلال حرقها، وقع من بعد ذلك تنقيح القانون لننتقل إلى طريقة جديدة للتخلص منها وهي رحيها ثم تعميقها ثم ردمها … ووقع العمل بهذا الإجراء سنة 2013 وكانت تونس قد استلمت أموالا من البنك الدولي بهدف تنفيذ هذا المشروع بقيمة قرابة 17 مليون دولار، وذلك بهدف تركيز وحدات معالجة على مدار 12 ولاية ساحلية ولكن للأسف لم نحقق أهداف هذا المشروع “.

وأشار حمدي شعبان إلى أن المصاريف التي تخصصها الدولة سنويا للنفايات الطبية الخطرة بقيمة 2700 مليار سنويا، في المقابل يتم التخلص من هذه النفايات في مصبات عشوائية كبرى منها على سبيل المثال مصب القنة بمعتمدية عقارب من ولاية صفاقس. أو مصب برج شاكير بتونس الكبرى، وواصل حمدي بخصوص النفايات الطبية زمن كورونا “وزاد الموضوع تفاقما بعد حلول جائحة كورونا، فمع تضاعف كميات النفايات الطبية كنا قد اكتشفنا الأمر علنا واصبحنا نتحدث عن نفايات طبية في كل مكان، فحتى مع تركيز وحدات المعالجة تراجعت القدرة عن استيعاب كل هذه الكميات الكبيرة من النفايات وهو الأمر الذي ادى إلى تخزينها في مخازن عشوائية”

وأشار نفس المصدر إلى أن تراكم النفايات الطبية زمن كورونا من اسبابه عمليات التلاعب التي كانت قد وقعت في عديد الولايات في تونس، مشيرا إلى أن عددا من المستثمرين الأجانب كانوا قد تقدموا إلى وزارة الصحة التونسية برخص معالجة هذه النفايات في حين أنهم لا يمتلكون تجهيزات المعالجة، وبذلك فانهم يقومون بتجميع هذه النفايات داخل مستودعات باعتبار وان مقابل تجميع الطن الواحد يبلغ أكثر من 1600 دينار… وبعد تجميعها داخل المستودعات وأخذ مقابل التجميع والمعالجة من الدولة التونسية يقومون بالتخلص منها دونما معالجة”.

بخصوص سبل التخلص من هذه النفايات التي يقع تجميعها هكذا قال حمدي شعبان إلى أنه وقع خلال عديد المرات ضبط شاحنات تأخذ هذه النفايات إلى عديد المناطق الصحراوية مثل ولاية قفصة وولاية تطاوين اين يقع التخلص منها دون معالجة ليتم هناك حرقها الآبار المهجورة.

النفايات الطبية خارج إطار القانون

بعيدا عن كل التفاصيل، عملنا على متابعة الخطوات التي يقع اتباعها من طرف سلط الاشراف التونسية و عملا منا على متابعة ما يحدث كنا قد تحدثنا مع حمدي شعبان الخبير في التصرف في النفايات، وتحدث حمدي عن طرائق التخلص من النفايات الطبية، حيث أشار إلى أنه منذ سنوات ” كان يقع التخلص من نفايات الأنشطة الطبية من خلال حرقها، وقع من بعد ذلك تنقيح القانون لننتقل إلى طريقة جديدة للتخلص منها وهي رحيها ثم تعميقها ثم ردمها … ووقع العمل بهذا الإجراء سنة 2013 وكانت تونس قد استلمت أموالا من البنك الدولي بهدف تنفيذ هذا المشروع بقيمة قرابة 17 مليون دولار، وذلك بهدف تركيز وحدات معالجة على مدار 12 ولاية ساحلية ولكن للأسف لم نحقق أهداف هذا المشروع “.

وأشار حمدي شعبان إلى أن المصاريف التي تخصصها الدولة سنويا للنفايات الطبية الخطرة بقيمة 2700 مليار سنويا، في المقابل يتم التخلص من هذه النفايات في مصبات عشوائية كبرى منها على سبيل المثال مصب القنة بمعتمدية عقارب من ولاية صفاقس. أو مصب برج شاكير بتونس الكبرى، وواصل حمدي بخصوص النفايات الطبية زمن كورونا “وزاد الموضوع تفاقما بعد حلول جائحة كورونا، فمع تضاعف كميات النفايات الطبية كنا قد اكتشفنا الأمر علنا واصبحنا نتحدث عن نفايات طبية في كل مكان، فحتى مع تركيز وحدات المعالجة تراجعت القدرة عن استيعاب كل هذه الكميات الكبيرة من النفايات وهو الأمر الذي ادى إلى تخزينها في مخازن عشوائية”

وأشار نفس المصدر إلى أن تراكم النفايات الطبية زمن كورونا من اسبابه عمليات التلاعب التي كانت قد وقعت في عديد الولايات في تونس، مشيرا إلى أن عددا من المستثمرين الأجانب كانوا قد تقدموا إلى وزارة الصحة التونسية برخص معالجة هذه النفايات في حين أنهم لا يمتلكون تجهيزات المعالجة، وبذلك فانهم يقومون بتجميع هذه النفايات داخل مستودعات باعتبار وان مقابل تجميع الطن الواحد يبلغ أكثر من 1600 دينار… وبعد تجميعها داخل المستودعات وأخذ مقابل التجميع والمعالجة من الدولة التونسية يقومون بالتخلص منها دونما معالجة”.

بخصوص سبل التخلص من هذه النفايات التي يقع تجميعها هكذا قال حمدي شعبان إلى أنه وقع خلال عديد المرات ضبط شاحنات تأخذ هذه النفايات إلى عديد المناطق الصحراوية مثل ولاية قفصة وولاية تطاوين اين يقع التخلص منها دون معالجة ليتم هناك حرقها الآبار المهجورة.

الإدارة التونسية فاعل رسمي في تكديس النفايات

خلال فترة انتشار الوباء في تونس ارتفعت كميات الاكياس البلاستيكية الصفراء، لتحدث بذلك شللا تاما في وحدات معالجة النفايات الطبية الخطيرة. في هذا الإطار حدثنا مصدر من الوكالة الوطنية للنفايات والذي رفض الإدلاء باسمه خشية من المشاكل التي يمكن أن تتبعه، وقال المصدر أن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات كانت قد عينت أعوان مراقبة على وحدات معالجة النفايات الطبية زمن تفشي الوباء، حيث تلعب هذه الوحدات دورا في تعقيم النفايات الطبية قبل التخلص منها وذلك من خللها رحيها ثم تعميقها ومن ثمة التخلص منها عبر ردمها.

في هذا الصدد قال المصدر ” كنا نشتغل كمراقبين على مختلف وحدات المعالجة وكنا قد لاحظنا اختلالات عدة تمثلت في تكديس النفايات الطبية داخل مستودعات وحدات المعالجة ثم التخلص منها دون تعقيمها، وهو الامر الذي دفعنا نحن المراقبون إلى تسليط خطايا وعقوبات دفعت بوحدات المعالجة إلى التوقف عن العمل، فهنا على سبيل المثال بموجب ما ينص عليه القانون كنا قد سلطنا الخطايا المالية الأمر الذي عطل بشكل تام وحدات المعالجة المنتهكة والنتيجة كانت بالضرورة تراكم كميات الكبيرة من النفايات، نلحظ جيدا أن المشكل هنا في القانون الذي يجب مراجنه، والذي بسببه تعطلت وحدات المعالجة عن العمل، ومع بعض الأعطاب والاشكاليات التي واجهتها بعض الوحدات الاخرى وجدنا انفسنا امام مشكل كبير وهو التتبع القانون لمالكي وحدات المعالجة ما يعني تعطلها عن التخلص من النفايات وخطورتها، هذا بالاضافة إلى تعطل آلات المعالجة صلب هذه الوحدات خاصة في الوقت الذي تسجل فيه كل المؤسسات الصحية الخاصة والعمومية ارتفاعا كبيرا في كمية النفايات التي لا تتوقف لحظة مع انتشار وباء كورونا”.

حياة الانسان والبيئة بين قوسين

يبدو أن لهذه النفايات التي أفرزتها جائحة كورونا مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان والطبية في هذا الصدد كانت سهام بن علي، الباحثة والناشطة المجتمعية والخبيرة في الصحة قد تحدثت عن ثلاثة أنواع من المخاطر أول هذه المخاطر ما يمكن أن نتحدث عنه في علاقة بصحة الإنسان، حيث أشارت الخبيرة ” أول خطر تشكله هذه النفايات يكون بالضرورة على صحة المواطن الذي يتوجه إلى المستشفى لتلقي العلاج وأيضا الزائر الذي يتوجه إلى المؤسسة الاستشفائية والطاقم الإداري والطبي بالمؤسسة وأيضا العملة “

وتحدثت الخبيرة عن الانعكاسات السلبية لهذه النفايات وتحدثت في الوضعية الأولى عن الرائحة التي يمكن أن تنتجها النفايات في حالة عدم التخلص منها بالطرق التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية والمنظمات والدراسات العلمية، وحتى اذا لم تصل إلى مرحلة إنتاج الرائحة الكريهة فان بمجرد استنشاق روائحها تكون النتيجة وخيمة، والتي من ضمنها اصابة الشخص بالزكام او حساسية حادة، وتحدث الخبيرة أيضا عما يمكن أن ينجم عن ملامسة هذه النفايات مشيرة إلى الطفرات الجلدية والامراض الاخرى التي يمكن أن ينجر عنها ملامسة هذه المواد.

من جهة اخرى أكدت دراسة علمية نشرتها مجلة المخلفات الطبية أن للنفايات الطبية انعكاسات جد خطيرة على صحة الإنسان مشيرة في الدراسة إلى بعض الأمراض التي يمكن أن تصيب المرء بسبب رمي النفايات الطبية في القمامة دونما التخلص منها بالطرائق المنصوص عليها وذكرت الدراسة من بين هذه الأمراض فيروس نقص المناعة المكتسبة ” الايدز ” ، وخصت هذه الدراسة بالذكر مسالة الاصابة بالابر التي من المفترض أن تسبب التهاب الكبد البائي.

بخصوص نفايات الابر تحدثت الخبيرة سهام عن الأمراض الناجمة عن وخز الابر وأشارت بالذكر فيروس السيدا وسيتانوس والتهاب الكبد الذي كشفت عنه الدراسة العلمية المذكورة، واشارت ايضا إلى داء الكلب، وقالت هي نفسها ” بالاضافة إلى الامراض الكلاسيكية نتخدث أيضا عن امراض أخرى كبيرة وأشد خطورة من قبيل خطر الصدمة، والذي يصاب به المريض اثناء تعرضه لهذه النقايات “.

وبحسب دراسة اعددها الدكتور جون جريست كانت قد نشرتها جامعة ويسكونسن، وبالتحديد كلية الطب والصحة العامة والتي كانت قد أشارت إلى مشاهدة الزجاج المهشم والآلات الحادة والنفايات الطبية يمكن ان تعرض المرء إلى الصدمة ما ينجم عنه مرضا نفسيا يظل بتابع المصاب.

من جهتها أشارت المختصة إلى متلازمة نيمبي، وهي المتلازمة التي يمكن أن تجعل من المرء دائما ما يعارض قرارت المجموعة ويرفض كل المسائل المتعلقة بالصالح العامة والمنفعة العامة،وبالتالي فانه حسب ما اشارت اليه فان تراكم النفايات الطبية يؤثر في المرء ويغير من سلوكياته داخل المجتمع والمجموعة.

هذا واختتمت الخبيرة حديثها عن الانعكاسات البيئية للنفايات الطبية على التربة والمياه مستعرضة بذلك الدراسة العلمية التي قامت بها انكفاضة في تحقيق استقصائي حول المخلفات البيئية للنفايات الطبية، والتي كانت قد اثرت سلبا على التربة والمياه على مدار ثلاث كيلومترات من المصبات العشوائية كبرج شاكير بتونس والذي كشف عن تغير التركيبة للمياه الجوفية بمحيط المصب ما أدى إلى الإصابة لعدة امراض.

إلى اليوم يتواصل حسب اشارة الخبيرة مسار التخلص من النفايات الطبية خارج إطار القانون، ما يمكن أن يدفع تونس حسب تعبيرها إلى التفكير في فترة ما بعد الوباء والتي من المحتمل أن تكون صعبة، والى اليوم تتوقف الشابة فاطمة تروي روايتها لعدد من الطلبة بكلية الآداب بمنوبة، معربة عن خشيتها من التوجه إلى أي من المؤسسات الاستشفائية في تونس مهما تعكرت حالتها الصحية. إلى ان يتم حسبه ايجاد حل واضح للتخلص من هذه النفايات التي أقرت بخطورتها.

وقع انجاز هذا التحقيق في اطار برنامج الصحة ليك مع أكاديمية دوتشي فيلا – عمل صحفي اسكندر نوار

تابعونا على :
فيسبوك .
تويتر .
يوتيوب .
تونيزيا لايف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى